بالملك الجواد، فقتله المعزّ، وتمكّن من السّلطنة. وتزوّج في سنة ثلاث وخمسين بشجر الدّرّ أمّ خليل صاحبة السُّلطان الملك الصّالح.
وكان كريما جوادا، كثير العطاء، حَسَن المُداراة، لا يرى الجور ولا العسف، بنى بمصر مدرسة كبيرة.
واتّفق أنّه خطب بنتَ السُّلطان بدر الدّين صاحب الموصل وراسله، فغارت شَجَرُ الدّرّ وعزمت على الفتك به وإقامة غيره.
قال الشَّيْخ قُطْبُ الدّين: فطلبت صفيّ الدّين ابنَ مرزوق، وكان بمصر، فاستشارته ووعدته بالوزارة، فأنكر عليها ونهاها عَنْهُ، فلم تُصْغ إلى قوله، وطلبت مملوكا للطّواشيّ مُحسِن الصّالحيّ وعرّفته بأمرها ووعدته ومنّته إن قَتَل المُعِزّ، ثمّ استدعت جماعة من الخُدام واتّفقت معهم.
فلمّا كان يوم الثّلاثاء الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل لعب المُعِزّ أيْبَك بالكُرة، وصعِد إلى القلعة آخر النّهار، وأتى الحمّام ليقلب عليه ماء، فلمّا قلع ثيابه وثب عليه سَنْجَر الجوهريّ والخُدْام فرَمَوْه وخنقوه. وطلبت شَجَرُ الدّرّ ابنَ مرزوق على لسان الملك المُعِزّ فركب حماره وبادر ودخل القلعة من باب السّرّ، فرآها جالسة والمعزّ بين يديها ميتا، فأخبرته بالأمر فعظُم عليه جدّا، واستشارته فقال: ما أعرف ما أقول، وقد وقعتِ فِي أمر عظيم ما لكِ منه مخلّص.
ثمّ طلبت الأمير جمالَ الدّين أيْدُغدي، العزيزيّ، وعزّ الدّين أيْبَك الحلبيّ الكبير، وعرضت عليهما السّلطنة، فلمّا ارتفع النّهار شاع الخبر واضطرب النّاس ثمّ اتّفقوا على سلطنة الملك المنصور عليّ بن الملك المُعِزّ وعُمرُه يومئذٍ خمس عشرة سنة، وجعلوا أتابكه الأمير عَلَم الدّين سَنْجَر الحلبيّ المُشِد. وأخرِجت هِيَ من دار السّلطنة بعد أن امتنعت بها أيّاما. وجُعِلت فِي البرج الأحمر، وقبضوا على الجواري والخدّام وسَنْجَر الجوهريّ، ثمّ صُلِب هُوَ وأستاذه وجماعة من الخدّام.
وفي ثاني ربيع الآخر ركب الملك المنصور باللَّه السّلطنة.
وقال غيره: غارت شَجَرُ الدّرّ ورتّبت للمعزّ سَنْجَر الجوهريّ مملوك