للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الأمراء والخاصكيّة يحترمونها ويُطيعونها، وملّكوها عليهم أيّاما.

وتسلطنت وخُطِب لها على المنابر إثر قتل السُّلطان الملك المعظّم بن الصّالح.

ثمّ تزوّج بها المُعِزّ، واستولت عليه، وأشارت عليه بقتل الفارس أقطايا فقتله.

ثم غارت منه لمّا خطب بِنْت لؤلؤ صاحب المَوْصِل فقتلتْهُ فِي الحمّام، وقتلت وزيرها القاضي الأسعد.

قال شيخنا قُطْبُ الدّين [١] ، كان الصّالح يحبّها كثيرا، وكانت فِي صُحبته لمّا اعتُقل بالكَرَك، وولدت له هناك الأمير خليل، ومات صبيّا. ولمّا قُتِل المعظّم تملّكت الدّيار المصريّة وخطب لها على المنابر. وكانت تعلّم على المناشير وتكتب: «والدة خليل» . وبقيت على ذلك ثلاثة أشهر، ثمّ استقرّت السّلطنة للأشرف. ثمّ تزوّجها المُعِز، فكانت مستولية عليه ليس له معها كلام.

وكانت تُركية ذات شهامة وقوّة نفس.

وقيل إنّ المُعِزّ ملّ من احتجارها عليه واستطالتِها، ورُبما عزم على إهلاكها، فقتلته. فأخذها مماليكه بعد أن أمّنوها فاعتقلوها فِي برج، والملك المنصور ابن المُعِزّ التّركمانيّ وأمّه يحرّضان على قتلها. فلمّا كانت بُكْرة يوم السّبت حادي عشر ربيع الآخر ألقِيَت تحت قلعة مصر مقتولة مسلوبة، ثمّ حُمِلت إلى تُربتها الّتي بَنَتْها لها بقرب تُربة السّيّدة نفيسة.

وكان الصّاحب [بهاء] [٢] الدّين ابن حِنا [٣] قد وَزَرَ لها. ولمّا قتلت المُعِزّ وتيقّنت أنّها مقتولة أودعت جملة من المال فذهبت، وأعدمت جواهر نفيسة كسرتها فِي الهاون.

قال ابن واصل [٤] : كانت حَسَنَة السّيرة، لكنّ الغَيْرة حَمَلَتها على ما فعلت.

قال ابن أنجب: نُقِش اسمُها على الدّينار والدّرهم. وكان الخطباء يقولون


[١] في ذيل مرآة الزمان ١/ ٦١، ٦٢.
[٢] في الأصل بياض. والمستدرك من: ذيل مرآة الزمان ١/ ٦٢.
[٣] في الأصل: «ابن جني» ، وهو غلط، وما أثبتناه هو الصحيح. فهو: بهاء الدين علي بن محمد بن سليم المعروف بابن حنّا. (ذيل المرآة) .
[٤] في الجزء المفقود من «مفرّج الكروب» .