للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو كنت فِي يوم السّقيفة حاضرا ... كنت المقدَّم والإمامَ الأورعا

قال النّاصر: أخطأت، قد كان حاضرا الْعَبَّاس جدُّ أمير المؤمنين، ولم يكن المقدّم إلّا أَبُو بَكْر، رضي الله عنه.

فخرج الأمر بنفْي الوجيه، فذهب إلى مصر، ووُلّي بها تدريس مدرسة ابن سُكَّر.

ثمّ إنّ الخليفة خلع على النّاصر فألبسه الخِلْعة بالكَرَك، وركب بالأعلام الخليفَتِية وزِيد فِي ألقابه: «المولى المهاجر» .

ثمّ وقع بين الكامل والأشرف، وطلب كلّ منهما من النّاصر أن يكون معه، فرجح جانب الكامل، وجاءه من الكامل في الرّسليّة القاضي الأشرف ابن القاضي الفاضل. ثمّ سار النّاصر إلى الكامل، فبالغ الكامل فِي تعظيمه وأعطاه الأموال والتّحف.

ثمّ اتّفق موتُ الملك الأشرف وموت الكامل، وكان النّاصر بدمشق بدار أُسامة، فتشوّف إلى السّلطنة، ولم يكن حينئذٍ أمْيَزَ منه، ولو بذل المال لحلفوا له. ثمّ سلطنوا الملك الجوادَ، فخرج النّاصر عن البلد إلى القابون، ثمّ سار إلى عجلون وندِم، فجمع وحشد ونزل على السّواحل فاستولى عليها. فخرج الجواد بالعساكر، فوقع المصافّ بين نابلس وجينين، فانكسر النّاصر واحتوى الجواد على خزائنه وأمواله، وكان ثقل النّاصر على سبعمائة جَمَلٍ، فافتقر ولجأ إلى الكرك، ونزل الجواد على نابلس، وأخذ ما فيها للنّاصر.

وقد طوّل شيخُنا قُطْبُ الدّين ترجمة النّاصر وجوّدها [١] ، وهذا مختارٌ منها.

ولمّا مَلَك الصّالح نجمُ الدّين أيّوب دمشقَ وسار لقصد الدّيار المصريّة جاء عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل وهجم على دمشق فتملكها. فتسحّب جيش نجم الدّين عَنْهُ، وبقي بنابلس فِي عسكرٍ قليل، فنفّذ النّاصر من الكَرَك عسكرا قبضوا على نجم الدّين وأطلعوه إلى الكَرَك، فبقي معتَقَلًا عنده فِي كرامة.

وكان الكامل قد سلّم القدس إلى الفرنج، فعمّروا في غربيّه قلعة عند موت


[١] في ذيل مرآة الزمان ١/ ١٢٦ وما بعدها.