للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيخ مشهور بدمشق. للنّاس فيه حُسن اعتقاد. وكان يأوي إلى القمامين والمزابل الّتي مأوى الشّياطين، ويلبس ثيابا تكنس الأرض، وتتنجّس ببَوْله، ويمشي حافيا، ويترنّح فِي مِشْيَته. وله أكمامٌ، طوال، ورأسه مكشوف.

وكان طويل السّكوت، ذا مَهابةٍ ووَله مّا.

ويحكى عَنْهُ عجائب وكشوفات. وكان يأوي إلى قمّين حمّام نور الدّين.

ولمّا تُوُفّي شيعه خلْق لَا يُحصون من العامّة.

وقد بصّرنا الله وله الحمد وعرّفنا هذا النّموذج، وأنّ لهم شياطين تطمع فيهم لنقص عقولهم، وتجري منهم مجرى الدّم، وتتكلّم على ألسنتهم بالمغيّبات، فيضلّ النّاس، ويتألّونهم، ويعتقدون أنّهم أولياء الله، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. ٢: ١٥٦ فقد عمّ البلاء فِي الخلق بهذا الضّرب، ولكن الله يثيب النّاس عَلَى حُسن قصدهم، وإن جِهلوا وأخطأوا، ويغفر لهم بلا شكّ إذا كَانَ قصدهم ابتغاء وجهه الكريم.

وهذا زماننا فيه واحد اسمه إبراهيم بظاهر باب شرقيّ، لَهُ كشوفات كالشّمس، وما أكثرها. أمام أربع سِنين فِي دكّان برّ الْبَابُ، ثُمَّ تحوّل إلى قمين حمّام الفواخير، وهو زُطي، سفيه، نجِس، قد أحرقته السّوداء، وله شيطان ينطق عَلَى لسانه، فما أجهل من يعتقد فِي هذا وشبهه أَنَّهُ وُلّي الله، والله يَقُولُ فِي أوليائه إنهم الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ١٠: ٦٣ [١] .

وقد كَانَ فِي الجاهليّة خلْقٌ من الكُهان يخبرون بالمغيّبات، والرّهبان لهم كشف وإخبار بالمغيّبات، والسّاحر يخبر بالمغيّبات. وفي زماننا نساءٌ ورجال بهم مَس من الجنّ يخبرون بالمغيّبات عَلَى عدد الأنفاس.

وقد صنَّف شيخنا ابن تَيْمية غير مِسألة فِي أنّ أحوال هَؤلَاءِ وأشباههم شيطانيّة، ومن هذه الأحوال الشّيطانية الّتي تضلّ العامّة أكلُ الحيّات، ودخول النَّارَ، والمشي فِي الهواء، ممّن يتعانى المعاصي، ويخلّ بالواجبات. فنسأل الله


[ () ] والعبر ٥/ ٢٤٠، وسير أعلام النبلاء ٢٣/ ٣٠٢، ٣٠٣ رقم ٢١٠، والبداية والنهاية ١٣/ ٢١٦، ٢١٧ وفيه: «الاقميني» ، وعيون التواريخ ٢٠/ ٢٢١، وشذرات الذهب ٥/ ٢٨٩، ٢٩٠، وعقد الجمان (١) ٢٢٦، ٢٢٧.
[١] سورة يونس، الآية ٦٣.