للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [١] : حكي عَنْهُ أَنَّهُ قُتِل جوادُه يومئذ، ولم يصادف أحدا من الوشاقيّة، فبقي راجلا، فرآه بعض الأمراء الشّجعان، فترجّل وقدّم لَهُ حصانه، فامتنع وقال: ما كنت لأمنع المسلمين الانتفاع بك فِي هذا الوقت. ثُمَّ تلاحقت الوشاقيّة إِليْهِ.

حدَّثني أبي أحمد أنّ المُلْك قُطُز لمّا رأى انكشافا فِي مَيسرته رمى الخوذة عَنْ رأسه وحمل وقال: وا دين محمد. فكان النّصر.

قَالَ: وكان شابّا أشقر، كبير اللّحية.

قلت: ثُمَّ جهّز الأمير رُكن الدّين بَيْبَرسْ، أعني المُلْك الظّاهر، فِي أقفية التّتار، ووعده بنيابة حلب، فساق وراءهم إلى أن طردوهم عَن الشّام.

ثُمَّ إنّه انثنى عزْمُه عَلَى إعطائه حلب، وولّاها لعلاء الدّين ابن صاحب المَوْصِل، فتأثّر ركن الدّين من ذَلِكَ.

ودخل المُلْك المظفَّر دمشق، فأحسن إلى الرّعيّة، وأحبّوه حبّا زائدا، ثُمَّ استناب عَلَى البلد عَلَمَ الدّين سَنْجَر الحلبيّ، ورجع بعد شهر إلى مصر، فقُتِل بين الغرابيّ والصّالحيّة فِي آخر الرّمل، ودُفِن بالقُصَير.

وقال ابن الْجَزَريّ فِي «تاريخه» [٢] : حدَّثني أبي قَالَ: حدَّثني أبو [٣] بَكْر بْن الدّريهم الإسعرديّ والزّكيّ إبراهيم الحَنْبليّ أستاذ الفارس أقطايا قَالَ:

كُنَّا عند سيف الدّين قُطُز لمّا تسلطن أستاذه المُعِزّ، وقد حضر عنده منجّم مغربيّ، فصرف أكثر غلمانه، فأردنا القيام، فأمَرَنَا بالقُعود، ثُمَّ أمر المنجّم فضرب الرّمل.

ثُمَّ قَالَ: اضرب لمن يملك بعد أستاذي، ومن يكسر التّتار. فضرب، وبقي زمانا يحسب وقال: يا خَوَنْد يطلع معي خمسُ حروف بلا نُقَط ابن خمس حروف بلا نقط.

فقال: لِمَ لَا تَقُولُ محمود بْن ممدود. فقال: يا خَوَنْد لَا يقع غير هذا الاسم.


[١] في ذيل مرآة الزمان ١/ ٢٨- ٣٦.
[٢] في المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٦.
[٣] في الأصل: «أبي» .