للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهوديّ، الإشبيليّ، الشّاعر المشهور.

دوّن شِعْره فِي مجلّد فيما قِيلَ [١] ، ويُقال إنّه أسلم. وله قصيدة مدح بها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وكان حامل لواء الشعْر بالمغرب فِي عصره [٢] .

فمن شِعْره:

مضى الوصْلُ إلّا مُنْيةٌ تبعثُ الأسَى ... أُدارِي بها هَمي إذا الليلُ عَسْعَسا

أتاني حديثُ الوصْل زَوْرا عَلَى النّوى ... أعِدْ ذَلِكَ النوْرَ اللذيذَ المؤنسا

ويَا أيّها الشوقُ الَّذِي جاء زائرا ... أصَبْتَ الأماني خُذْ قلوبا وأنفُسا

كساني موسى من سِقامٍ جُفُونهِ ... رداء، وسقاني من الحبّ كؤوسا

توفّي غريقا في هذا العام، أو في سنة ٥٨ [٣] .


[ () ] وشذرات الذهب ٥/ ٢٩٧، وذيل تاريخ الأدب العربيّ ١/ ٤٨٣، والزركشي ١/ ١٢.
[١] نشر ديوانه الدكتور إحسان عباس، وصدر عن دار صادر بيروت ١٩٦٧.
[٢] قال ابن الأبّار: كان من الأدباء الأذكياء الشعراء، مات غريقا مع ابن خلاص والي سبتة سنة تسع وأربعين وستمائة، وكان سنّه نحو الأربعين أو ما فوقها، وكان قد أسلم وقرأ القرآن، وكتب لابن خلاص بسبتة فكان من أمره ما كان.
وكان يهوى يهوديّا اسمه موسى فتركه، وهوي شابا اسمه محمد، فقيل له في ذلك فقال:
تركت هوى موسى لحبّ محمد ... ولولا هدى الرحمن ما كنت أهتدي
وما عن قلى منّي تركت وإنما ... شريعة موسى عطّلت بمحمد
وقال الشّيخ أثير الدين: أخبرنا قاضي الجماعة قال: نظم الهيثم (بن أحمد بن أبي غالب بن الهيثم الإشبيلي) قصيدة يمدح بها المتوكّل على الله محمد بن يوسف بن هود ملك الأندلس، وكانت أعلامه سوداء لأنه كان بايع الخليفة ببغداد، فوقف إبراهيم بن سهل على قصيدة الهيثم وهو ينشدها لبعض أصحابه، وكان إبراهيم إذ ذاك صغيرا، فقال إبراهيم للهيثم: رد بين البيت الفلاني والبيت الفلاني:
أعلامه السود إعلاما بسؤدده ... كأنّهنّ بخد الملك خيلان
فقال له الهيثم: هذا البيت ترويه أم نظمته؟ قال: بل نظمته الساعة، فقال الهيثم: إن عاش هذا ليكونن أشعر أهل الأندلس.
والقصيدة التي مدح بها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مطلعها:
وركب دعتهم نحو طيبة نيّة ... فما وجدت إلّا مطيعا وسامعا
يسابق وخد العيس ماء شئونهم ... فيقفون بالسوق المدى والمدامعا
إذا انعطفوا أو رجّعوا الذكر خلتهم ... غصونا لدانا أو حماما سواجعا
تضيء من التقوى حنايا صدورهم ... وقد لبسوا الليل البهيم مدارعا
[٣] وقد تقدّم عن ابن الأبّار أنه مات سنة ٦٤٩ هـ.