للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ، وَنَنْظُرُ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى يَزِيدَ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا [١] ، وَإِنِ افْتَرَقُوا عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ [٢] .

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بُضْعَةٌ منه، ولا تنالها- عني الدُّنْيَا- فَاعْتَنَقَهُ وَبَكَى، وَوَدَّعَه، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: غَلَبَنَا حُسَيْنُ بِالْخُرُوجِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ عَبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الْفِتْنَةِ وَخِذْلَانِ النَّاسِ لَهُمْ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ مَا عَاشَ [٣] .

وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟ قَالَ: الْعِرَاقَ وَشِيعَتِي، قَالَ: إِنِّي لَكَارِهٍ لِوْجَهِكَ هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ، حَتَّى تَرَكَهُمْ سَخْطَةً وَمَلَّهُمْ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ [أَنْ] تُغَرِّرَ بِنَفْسِكَ [٤] . الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ [٥] ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدِينَةَ، فَمَرَّ بِابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ يَحْفِرُ بِئْرَهُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلَا تَسِرْ، فَأَبِي الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ رَشْحُهَا، وَهَذَا الْيَوْمُ مَا خَرَجَ إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ، مَاءٌ، فَلَوْ دَعَوْتَ لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: هَاتِ مِنْ مَائِهَا، فَأَتَى بِمَا فِي الدَّلْوِ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ مَضْمَضَ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْبِئْرِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: غَلَبَنِي الْحُسَيْنُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ قَلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ، وَلَا تَخْرُجْ عَلَى إِمَامِكَ، وَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وغيرهما.


[١] في الأصل «لم يشدوا» .
[٢] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٣٣١.
[٣] تهذيب ٤/ ٣٣١.
[٤] في (مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٩٢) : عن ابن عباس قال: استأذنني الْحُسَيْنُ فِي الْخُرُوجِ فَقُلْتُ: لَوْلا أَنْ يُزْرَى ذلك بي أو بك لشبكت بيدي في رأسك، فكان الّذي رد عليّ أن قال:
لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا أَحَبُّ إليَّ من أن يستحلّ بي حرم الله ورسوله، قال: فذلك الّذي سلى نفسي عنه.
[٥] بفتح الميم، كما في الخلاصة ١٩٣.