وبلغني أنّه قال: إذا أخذت مطْرقًا لقيت ثلاثين لا أبالي بهم.
وبلغ من قوّته في صباه أنّه كان يروح المواهي مُتْرعةً بحيث لو اجتمع عليها أربعة لكاعوا في رفعها، فيرفعها بإحدى يديه إلى ظهر الدّابّة.
وحكى عن نفسه أنه كان يطلع النّخلة ثم يلقي البطاسيّة ويسبقها إلى الأرض.
وحدَّث أنّه كان بالجانب الغربيّ من أهل العرامة والذّعارة قُطَّاع طريق يسفكون الدِّماء، فتفاقم أمرهم وعجزت الولاة عنهم سِنين، فقدّر الله أنّهم امتدّوا إلى بُستانه، فأصبح فوجد آثارهم فقال: كأنّهم وقعوا عنديّ، وقعوا وربّ الكعبة. فأصبح، ففي ذلك اليوم بعينه أُمسِكوا وصُلِبُوا.
وقبل موته نشأتْ صفقة من جنْس هؤلاء فعاثوا نحو السّنة، فنزلوا قصرا قريبا من الباب، وقتلوا على باب الشّيخ رجلا، فقال الشّيخ: كأنّهم دبُّوا إلينا، يقعون إنْ شاء الله. فأُخِذُوا بعد قليل. وكانوا ثلاثة.
وكان له في الجمع بين الطّريقة والشّريعة عجائب. كان يقول لي: قوله:
كُلٌّ من عِنْدِ الله ٤: ٧٨ [١] ، هذه حقيقة. ثم ينتهي إلى قوله: مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ من سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ٤: ٧٩ هذه شريعة ويقول: الحجَّة في الشريعة ولا حجّة لنا بالحقيقة.
ويقول: أكثر ما تؤتى المتصوّفة مِن ملاحظة الحقيقة مع الإعراض عن الشّريعة، وهذه ضلالة.
اتّفق أنّ بعض الملوك قدِم الإسكندريّة قبل أن يتسلطن، فخرج بعض الخربنْديَّة لأخذ حطب النّاس، فأخذوا من غَيْط الشّيخ جَمَلين جريدا، فجاء جاره فخوّفهم، فلم يفكّروا وراحوا. فجاء الأميران المحمّدي وشمسُ الدّين سُنْقُر، فذكر لهما الجار القصّة، فساقا على آثار الجمال، فهرب الخربنديّة،