للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت للشّيخ: هو يطلب الموعظة. فقال: هو يحفظ القرآن؟ قلت: نعم.

قال: اقرأ معه سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ٩٦: ١ [١] . فقرأنا إلى قوله: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى ٩٦: ١٤ [٢] فقال: إذا علمت فإنّه يراك، اعرف كيف تكون والسّلام. فانصرف على ذلك.

وكان يقول لطالب الدّعاء والزّيارة: الّذي علِم نيّتك يكافئك عليها.

وحدَّثني من لا أتمارى فيه خيرا ونُبْلًا قال: وصلت مع أخي في حياة الملك الصّالح، فتحادثنا في الزّيارات، وعزمت على زيارة الشّيخ، وحملت أخي على ذلك، فعارضني من أصحابنا فلان وفلان بكلام فيه غضاضة في حقّ الشّيخ، فأنكرت عليهما وبكّرت إلى الشّيخ، واستغرقت في النَّظر إليه وهو عند السّاقية، ووقفت وإذا بحسّ البِغال في خلفي، فقلت في نفسي: هذا فلان وفلان، وهما على نيَّةٍ رديئة. وهذا رجلٌ مُكَاشَف.

فما أتممت الخاطر إلّا وغاب الشّيخ عن بصريّ، فهجمت الغَيْط ممّا غلب على الحال، وقلت: لعلّ تحت رِجْلَيه غار دخل فيه. فلم أجد شيئا إلّا البطاميّة، فظننت أنّه انطرح فيها، فتأمّلتها فلم أر شيئا. فخرجت إلى أولئك وخاصمتهما وحكيت لهما القصّة.

قال المؤلّف: وسِنُّ الشّيخ نيّفٌ وسبعون سنة. وكان بعضهم يظنّ أنّه في عَشْر المائة، وذلك لأنّه من صِغره كان يُسمّى بالشّيخ.

آخر ما اخترته من مناقب القبّاريّ، ويكون خمسة كراريس، ما ذكر فيها اسم الشّيخ ولا وفاته ولا حلْيته، فرحمه الله ورضي عنه آمين.


[١] سورة العلق، أول السورة.
[٢] سورة العلق، الآية ١٤.