والخطيب شمس الدّين إمام الكلّاسة، وشَرَفُ الدّين سيفُ قاضي القدس، والشّيخ عليّ المَوْصِليّ، وعلاء الدّين ابن العطّار، والقاضي شهاب الدّين أحمد بن الشَّرف حسن، والقاضي نجم الدّين أحمد الدّمشقيّ، وخلْقٌ كثير في الأحياء بمصر والشّام.
ورحل إليه غيرُ واحدٍ، وتفرّد بالكثير. وذهب بصرُه في أواخر عُمُرِه.
قال ابن الخبّاز: حدَّثني يومَ موته الشّيخُ حسنُ بنُ أبي عبد الله الأزْديّ الصّقليّ أنّ الشّيخ محمد بن عبد الله المغربيّ قال: رأيت البارحة كأنّ النّاس في الجامع، فإذا ضجّةٌ فسألت عنها، فقيل لي: مات هذه اللّيلة مالك بن أنس رحمه الله. فلمّا أصبحت جئت إلى الجامع وأنا مفكّر، فإذا إنسانٌ، ينادي: رحم الله من صلّى أو حضر جنازة زين الدّين ابن عبد الدّائم.
قلت: المعروف بالمنام هو محمد بن صالح الهشْكوريّ خطيب جامع جرّاح، والله أعلم.
وحدّثنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاث وسبعمائة قال: رأيتُ أبي، رحمه الله، في اللّيلة الّتي دفنّاه فيها، فأقسمت عليه: أخبِرْني ما فعل الله بك؟ فقال:
غفر لي وأدخلني الجنَّة.
تُوُفّي، رحمه الله، لِتسعٍ خَلَون من رجب [١] .
وقد أخبرنا أحمد بن العادل قال: أنا ابن عبد الدّائم سنة سبْع عشرة وستّمائة، فذكر حديثا.
[١] وقال قاضي القضاة ابن جماعة: شيخ جليل من أعيان المشايخ المسندين، والطلبة الرحّالين، قرأ الحديث بنفسه، وكتب التسميعات بخطّه، وكان يحدّث من لفظه، ولديه فضل، وعنده معرفة بالحديث والأدب، ونسخ ما لا يدخل تحت حصر من الكتب الكبار والصغار، وأجزاء الحديث، وكانت معيشته من ذلك، وكان خطه حسنا، وطريقته مستحلاة، وولي خطابة قرية كفربطنا من قرى دمشق مدة، وكذلك ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بسفح جبل قاسيون مدة، وانقطع في آخر عمره وضعف عن الحركة، وكان الطلبة يقصدونه، وكفّ بصره في سنة أربع وستين وستمائة، وحدّث بالكثير نحوا من خمسين سنة.