للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَعْطَاهُ يَزِيدُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَعْطَى لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةَ آلَافٍ، سِوَى كِسْوَتِهِمْ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا بَنِيَّ هَؤُلَاءِ لَجَاهَدْتُهُ بِهِمْ، قَالُوا: إِنَّهُ قَدْ أَكْرَمَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ: نَعَمْ وَمَا قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا لِأَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَّ النَّاسَ فَبَايَعُوهُ [١] .

وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ [٢] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: دَعُوا إِلَى الرِّضَا وَالشُّورَى، وَأَمَّرُوا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ الْعَدَوِيَّ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ، وَعَلَى قَبَائِلِ الْمُهَاجِرِينَ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَأَخْرِجُوا مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: خَلَعُوا يَزِيدَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَرْسَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى مِيَاهِ الطَّرِيقِ، فَصَبُّوا فِي كُلِّ مَاءٍ زِقَّ قَطْرانٍ وَغَوَّرُوهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ، فَمَا اسْتَقُوا بِدَلْوٍ [٣] .

وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا بَلَغَهُ وُثُوبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِعَامِلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَنَفْيِهِمْ، جَهَّزَ لِحَرْبِهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبةَ الْمُرِّيَّ، وَهُوَ شَيْخٌ، وَكَانَتْ بِهِ النَّوْطَةُ، وَجَهَّزَ مَعَهُ جَيْشًا كَثِيفًا، فَكَلَّمَ يَزِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ، فَقَالَ: أَجَلْ أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي وَأَشْقَى، وَلَكَ عِنْدِي وَاحِدَةٌ، آمُرُ مُسْلِمًا أَنْ يَتَّخِذَ الْمَدِينَةَ طَرِيقًا، فَإِنْ هُمْ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَتَرَكُوهُ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُقَاتِلُهُ، وَإِنْ مَنَعُوهُ وَحَارَبُوهُ قَاتَلَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرَ بِهِمْ قَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ وَأَنْهَبَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا تَعْرِضُوا لِجَيْشِهِ، فَوَرَدَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، فَمَنَعُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَنَالُوا مِنْ يَزِيدَ، فَأَوْقَعَ بهم وأنهبها ثلاثا، وسار إلى الزبير، فمات بالمشلل [٤] ، وعهد


[١] تاريخ خليفة ٢٣٧، تاريخ الطبري ٢/ ٤٢٣، ٤٢٤.
[٢] تاريخ خليفة ٢٣٧.
[٣] تاريخ خليفة ٨٣٨، تاريخ الطبري ٥/ ٤٩٥.
[٤] المشلّل: بضمّ أوله، وفتح ثانيه، وفتح اللام وتشديدها، وهي ثنيّة مشرفة على قديد. (معجم ما استعجم ٤/ ١٢٣٣) .