لؤلؤة ليحتمي بها، فَمَا مكَّنَه واليها من دخولها إلّا وحده ومعه مملوك، فَلَمَّا دخل قبض عليه وبعث به إِلَى البَرَوَاناه، فَلَمَّا دخل عليه شَتَمَه وبَصَق فِي وجهه، ورسّم عليه. ولمّا قدِمَ البَرَوَاناه جلس هُوَ والطّوامين تتاون، وكريه، وتقو، مجلسا عامّا، وأحضروا الملك غياث الدّين وأمراءه.
فقالوا: ما حملك على ما فعلت من خلْع أبْغا ومَيْلك إِلَى صاحب مصر؟
فقال: أنا صبيّ وما علِمتُ المصلحة. ورأيت الأمراء قد فعلوا شيئا، فخفْتُ إنْ خالفْتُهُم أن يمُسكوني.
ثُمَّ إنّ الأمراء اعتذروا بأنّ ابن الخطير هُوَ الَّذِي فعل هَذَا كلّه، وخفنا أن يفعل بنا كما فعل بتاج الدّين كيوي. فسألوا شرف الدّين ابن الخطير فقال للبرواناه:
أنت حرّضتني على ذلك، وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البَرَوَاناه ذلك. وكتب المقدَّمون بصورة ما جرى إِلَى أَبْغا ثُمَّ أمروا بضرب ابن الخطير بالسِّياط ويقرّروه بمن كان معه، فأقرّ على نور الدّين ابن جيجا، وسيف الدّين قلاوون، وعَلَم الدّين سنْجر الْجَمْدار، وغيرهم. فَلَمَّا تَحقّقّ البَرَوَاناه أنّه يقتل بإقرار ابن الخطير عليه، أوحى إليه يقول: مَتَى قتلوني لم يُبْقوك بعدي، فاعملْ على خلاصي وخلاصك بحيث أنّك تصرّ على الإنكار، واعتذر بأنّ اعترافك كان من ألم الضَّرْب.
ثُمَّ جاء الجواب بقتل ابن الخطير، فقُتل فِي جُمَادَى الأولى، وبُعِث برأسه إِلَى قُونية، وبإحدى يديه إِلَى أنكوريّة، وبالأخرى إِلَى أرزنكان. وقتلوا معه سيف الدّين قلاوون، والْجَمْدار، وجماعة كبيرة. وأثبتوا ذَنْبًا على طرقطاي، ففدى نفسه بأربعمائة ألف درهم وبمائتي فَرَس، على أن يَقُم بألف من المغل في الشّتاء [١] .