وأمّا اللّغة فكان إليه المْنَتَهى فِي الإكثار من نقل غريبها، والاطّلاع على وحشِيّها.
وأمّا النّحْو والتّصريف فكان فِيهِ بحرا لا يُجارى، وحَبْرًا لا يُبارى.
وأمَا أشعار العرب الّتي يُستشهَد بها على اللّغة والنّحْو فكانت الأئمّة الأعلام يتحيّرون فِيهِ، ويتعجّبون من أَيْنَ يأتي بها.
وكان نظْم الشِّعر سهلا عليه، رجْزه وطويله وبسيطه، وغير ذلك.
هَذَا مع ما هُوَ عليه من الدّين المتين، وصِدْق اللهجة، وكثرة النّوافل، وحُسْن السَّمْت، ورقّة القلب، وكمال العقل والوقار والتُّؤَدَة.
أقام بدمشق مدّة يصنّف ويُشغِل. وتصدَّر بالتُّربة العادليّة، وبالجامع المعمور، وتخرّج به جماعة كثيرة.
وصنَّف كتاب «تسهيل الفوائد فِي النَّحْو» ، وكتاب «سبْك المنظوم وفكّ المختوم» ، وكتاب «الشّافية الكافية» ، وكتاب «الخُلاصة» وشرحها [١] ، وكتاب «إكمال الإعلام بتثليث الكلام» ، و «المقصور والممدود» ، و «فعل وأفعل» ، و «النّظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز» ، و «الاعتقاد فِي الطّاء والضّاد» ، وتصانيف أُخر مشهورة لا يحضُرُني ذِكرُها.
روى عَنْهُ: ولده الإِمَام بدْر الدّين، والإمام شمس الدّين بْن جعوان، والإمام شمس الدّين بْن أبي الفتح، وعلاء الدّين ابن العطّار، وزين الدّين أبو بَكْر المِزّيّ، وشيخنا أبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ، وأبو عَبْد الله الصَّيْرفيّ، وقاضي القُضاة ابن جماعة، وطائفة سواهم.
أنشدنا أبو عَبْد الله بْن أبي الفتح: أنشدنا العلّامة جمال الدّين بْن مالك لنفسه فِي تذكير الأعضاء وتأنيثها:
يمين شمال كفّ القلب خنصر ... سه بنصر سن رحم ضلع كبد
[١] جاء فوقها: كذا. وفي الهامش: ث. إنما نعرف شرحها لولده بدر الدين.