وقال ابن شدّاد: وكان فقيها فاضلا أديبا له شعر رائق ونثر فايق. عمل كتاب ضاهى بها المقامات والخطب النباتية، وله مصنّف كبير في الألغاز والأحاجي من نظمه، وله كتاب على طريقة الصوفية ونمطهم لما ولي مشيخة الشيوخ بحلب، وله مدايح في النبي صلّى الله عليه وسلّم في مجلد واحد. وله مدايح في أصحابه وغيرهم سفر كبير، لا على جهة الرفد، فإنه كان ذا ثروة ومكانة ووجاهة. خلع عليه بطيلسان في سنة أربع وأربعين في الأيام الناصرية بحلب. جمع بخطّه ما كتب به إليّ تفضّلا لا استرفادا، مجلّدا كاملا، وله في الغزل مجلّد كبير. فمن شعره في اللّينوفر: لينوفر خضر يحكي لرامقه ... عند الصباح إذا ما لاح م الورق نجوم جوّ بدت في الأرض طالعة ... والماء من تحتها ينساب كالشفق وقال في دمّل أصابت الأمير شهاب الدين موسى بن مجلي بن مروان الهكّاري، وكان من أعيان الأمراء بحلب، في ركبته: أظنّ دمّل موسى عند رؤيته ... خافته فاجتمعت من عظيم هيبته وعند ما عاينته عينها سجدت ... وقبّلت شفتاها عين ركبته وقال في غلام اسمه عيسى: عادة عيسى في الورى لم تزل ... تعيد من مات لهم حيّا والآن عيسى في الهوى قاتلي ... وهو الّذي يحيي إذا حيّا وقال في يوم غيم وثلج وريح شديدة باردة فانكشفت السماء وثبت الثلج على الأرض، وذلك في شهور سنة ثلاث وعشرين وستمائة: وجه تجلّى منيرا بارزا نضرا ... وكان عنّا بنقب الغيم محتجبا أظنّ إذ صفّقت فيه الرياح رمى ... به على الأرض من إيقاعه طربا وقال في غلام في عنقه خال: العزّ بدر ولكن ليس شامته ... مسلوخة في دجى صدغيه والغسق وإنّما حبّة القلب التي احترقت ... في حبّه علّقت للظلم في العنق