الْأَسْتَارِ، فَأَمَر ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْعَامِ بِهَدْمِهَا إِلَى الْأَسَاسِ، وَأَنْشَأَهَا مُحْكَمَةً، وَأَدْخَلَ مِنَ الْحِجْرِ فِيهَا سِعَةَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، لِأَجْلِ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَتْهُ خَالَتُهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا نَقَضَهَا وَوَصَلُوا إِلَى الْأَسَاسِ، عَايَنُوهُ آخِذًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، وَأَنَّ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسَاسِ، فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ، وللَّه الْحَمْدُ، وَأَلْصَقُوا دَاخِلَهَا بِالْأَرْضِ، لَمْ يَرْفَعُوا دَاخِلَهَا، وَعَمِلُوا لَهَا بَابًا آخَرَ فِي ظَهْرِهَا، ثُمَّ سَدَّهُ الْحَجَّاجُ، فَذَلِكَ بَيِّنٌ لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ قَصَّرَ تِلْكَ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ، فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَدَكَّ تِلْكَ الْحِجَارَةَ فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، حَتَّى عَلَا كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا، زَادَهُ اللَّهُ تَعْظِيمًا [١] .
وَغَلَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ، وَغَلَبَ مُعَاوِيَةُ الْكِلَابِيُّ عَلَى السِّنْدِ، إِلَى أَنْ قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْبَحْرَيْنِ، وَغَلَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَعَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَقْعَةِ عَيْنِ الْوَرْدَةِ مَرِضَ بِأَرْضِ الْجِزِيرَةِ، فَاحْتُبِسَ بِهَا وَبِقِتَالِ أَهْلِهَا عَنِ الْعِرَاقِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ قَصَدَ الْمَوْصِلَ وَعَلَيْهَا عَامِلُ المختار كما يأتي.
[١] انظر تاريخ الطبري ٥/ ٦٢٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute