للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُبَارَكُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ ثنا شَيْبَانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ أُعْطِهَا [١] وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ شَيْبَانَ. وقرأت بخطّ نجم الدّين ابن الخبّاز: أنبَا الإِمَام محيي الدّين النّوويّ، أَنَا عبد الرحمن ابن أبي عمر بن قدامة الفقيه، أنا أبو عَبْد الله بْن الزُّبَيْديّ، أَنَا أبو الوقت فذكر أوّل حديث فِي الصّحيح.

قَالَ شيخنا ابن العطّار: ذكر لي شيخنا رحمه الله أنّه كان لا يضيّع له وقتا فِي ليلٍ ولا نهار إلّا فِي وظيفةٍ من الاشتغال بالعِلم حَتَّى فِي ذهابه فِي الطّريق يكرّر أو يطالع. وأنّه بقي على هَذَا نحو ستّ سنين، ثُمَّ اشتغل بالتّصنيف والاشتغال والنُّصح للمسلمين ووُلاتهم، على ما هُوَ عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفِقْه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشّوائب. يُحاسب نفسه على الخطْرة بعد الخطْرة.

وكان محقّقا فِي علِمه وفنونه، مدقّقا فِي عِلمه وشئونه، حافظا لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عارِفًا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظ واستنباط فِقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأُصوله، وأقوال الصّحابة والتّابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم. سالكا فِي ذلك طريقة السَّلَف. قد صرف أوقاته كلّها فِي أنواع العِلم والعمل بالعِلم.

قَالَ: فذكر لي صاحبنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح الحنبليّ قَالَ:

كنت ليلة فِي أواخر اللّيل بجامع دمشق والشّيخ واقف يُصلّي إِلَى سَارِيَة فِي ظُلْمة، وهو يردّد قوله تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ٣٧: ٢٤ [٢] مرارا بحُزنٍ وخشوع، حَتَّى حصل عندي من ذلك ما الله به عليم.


[١] كذا في الأصل. وفي رياض الصالحين للإمام النووي، طبعة دار الكتاب العربيّ، ص ٣٢٩ رقم الحديث ١٣٢٢: أعطيها.
[٢] سورة الصافات، الآية ٢٤.