للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاضي القضاة، مفتي الإِسْلَام، تقيُّ الدّين، أبو عَبْد الله العامريّ، الحمويّ، الشّافعيّ.

وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة بحماة. وحفظ من «التّنبيه» فِي صِغره. ثُمَّ انتقل عَنْهُ إِلَى «الوسيط» فحفظه كلّه، وحفظ «المفصّل» . كلّه ورحل إِلَى حلب فقرأه على موفّق الدّين ابن يعيش.

ورجع إِلَى حماة، وتصدّر للقراءة والفتوى وله ثمان عشرة سنة، وحفظ «المستصفى» للغزاليّ، وكتابي أبي عَمْرو بْن الحاجب فِي الُأصُول والنحو.

ونظر فِي التّفسير وبرع فِيهِ، وشارك فِي الخلاف والمنطق والبيان والحديث.

وقدِم دمشق سنة نيَّفٍ وثلاثين، وهو من فُضلاء وقته، فلازم الشّيخ تقيّ الدّين ابن الصّلاح، وشرح عليه، وعلّق عَنْهُ. وقرأ القراءات على أبي الْحَسَن السّخاويّ، وسمع منهما، ومن كُريمة.

وأفتى بدمشق هَذِهِ الأيّام، وولي إمامة دار الحديث الأشرفيّة، ثُمَّ ولي وكالة بيت المال فِي الدّولة النّاصريّة وتدريس الشّاميّة الحساميّة، ثُمَّ انتقل إِلَى القاهرة وقت أَخْذ حلب، وولي عدّة جهات فأعاد بمدرسة الشّافعيّ، وظهرت فضائله الباهرة. واشتغلوا عليه فِي أيّام الشَّيْخ عزّ الدّين بْن عَبْد السّلام.

ثُمَّ درّس بالظّاهريّة. ثُمَّ ولي القضاء وتدريس الشّافعيّ، وامتنع من أَخَذَ الجامكيّة على القضاء دِينًا وورعا.

وكان يُقصد بالفتاوى من النّواحي، وتخرَّج به أئمّة، منهم قاضي القضاة بدْر الدّين بْن جماعة، وغيره.

وحدَّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن جماعة [١] والمصريّون.

وكان حميد السّيرة، حَسَن الدّيانة، كثير العبادة، كبير القدْر، جميل الذِّكْر، رحمه الله تعالى.


[١] وهو قال عنه: كان معروفا بالدين في أحكامه وولاياته، متّبعا للشريعة في حركاته وسكناته، حسن الأجوبة في الفتاوى، له مكانة في قلوب الناس وجلالة. (المشيخة ٢/ ٤٨٩) .