للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان [فخر المُلْك ابن عمّار قد أناب] [١] ابنَ عمّه، فأضاع الحزم، وتشاغل عن القتال، فسأل أهل الحصن الأمان فأُجيبوا، ولم يزل بيد الفرنج إلى الآن.

وقال قُطْب الدّين [٢] : حُكي لي أنّ سبب أخْذ الفرنج لها أنّ ابن صَنْجيل جرى لَهُ أمرٌ أوجب خروجه عن بلاده، فركب البحر ولَجّج فِيهِ، وتوقّفت عَلَيْهِ الرّيح، ثمّ رماه الموج إلى السّاحل، فنزل بساحل طرابُلس، فسيَّر إلَيْهِ ابن عمّار يسأله عن أمره، فأخبره بأنّه نزل يستريح ويتزوَّد، وسأله أن يُخرج إلَيْهِ سُوقًا، فخرج إلَيْهِ جماعة فبايعوه وكسبوا عَلَيْهِ. ثمّ نزل إلَيْهِ أهل جُبَّة بِشري، وهم نصارى فبايعوه وعرّفوه أمرَ طَرابُلُس، وأنّ الرّعيّة نصارى، وأنّ صاحبه متغلّب عَلَيْهِ، وحسّنوا لَهُ المقام، ووعدوه بالمساعدة عَلَى أخْذه، فأقام.

وحضر إلَيْهِ خلقٌ من نصارى البلاد، وعجز ابن عمّار عن ترحيله. ثمّ بنى ابن صَنْجيل الحصنَ المشهور بِهِ الّتي بُنيت طرابُلُس المنصوريّة تحته، وأقام بِهِ، واستولى عَلَى بَرّ طرابُلُس، ولم يزل مُصابرًا لها وكلّما لَهُ يقوى ويكثُر جَمْعُه، ويضعُف أهل البلد، ولا ينجد ابن عمّار أحدٌ.

ثمّ حصل الاتّفاق عَلَى أنّه يخرج منها بجميع ماله إلى عرقة، فخرج


[ () ] التحرير ٣٣٦- ٣٧٨، وتاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ عبر العصور- الجزء الأول، والمقتفي للبرزالي ١/ ورقة ١٤٩ أوب، وتاريخ الدولة التركية، ورقة ١٧ أ، ونزهة المالك والمملوك، ورقة ١١٢، ومنتخب الزمان ٢/ ٣٦٦، والجوهر الثمين ٢/ ٩٨.
[١] في المخطوط نقص يشمل الصفحتين ٩٨ أ، ب، وما بين الحاصرتين إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[٢] في ذيل مرآة الزمان ٤/ ٩٣، والنص فيه: «وكان ابن صنجيل خرج وركب في البحر فتوقّف عليه الريح ونفذ زاده، وكاد يهلك هو ومن معه، وقرب من طرابلس، فسيّر إلى صاحبها إذ ذاك وسأله أن يأذن له في النزول في أرضه والإقامة في البرّ بمقدار ما يستريح ويتزوّد، فأذن له فنزل بمكان الحصن المعروف به الآن وهو حيث بنيت طرابلس الجديدة، وباع واشترى فنزل إليه أهل جبة بشري وسائر تلك النواحي، وجميعهم نصارى، وأطمعوه في البلد، وعرّفوه ضعف صاحبه وعجزه عن دفعه، فأقام وبنى الحصن المعروف به، وتكثّر بأهل بلاد طرابلس» .