ناصر الدّين مُحَمَّد ابن ملك الأمراء عزّ الدّين ايدمر أودع عنده مبلغا كثيرا، فجاء المشدّ وسأله فقال: أُحضر المبلغ إليَّ لأستودعه، فلم افعل، واسألوا الأمير بدر الدّين أمير مجلس فإنّه الّذي احضر المبلغ. فخرج المشدّ وسأل أمير مجلس، فصدَّق ما قاله القاضي، فلمّا كَانَ اليوم السّابع طلب المشدّ لناصر الدّين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع املاككم. وهدَّده فكتب ذَلِكَ. فلمّا كَانَ يوم الجمعة ادّى الشهود عند حسام الدّين الحنفىّ، وهم الجمال الحموىّ، بعد ان شهد عَلَيْهِ الشّيْخ تاج الدّين، واخوه الشّيْخ شرف الدّين، وغير هما، انّه لا علم لَهُ بهذه القضيّة، وشهد الشّهاب غازى الأمينيّ، والغرس البيانيّ، فاستفسرهم القاضي حسام الدّين فتواقح بعضهم.
وكان الجمال من شيوخ المحدّثين، فأهانه المحدّثون، وتواصَوا ان لا يسمعوا عَلَيْهِ بعدها.
ثمّ عمل المشدّ بداره مجلسا للحياصة، فحضر طائفة ممّن يبغض ابن الصّائغ، منهم: ناظر الصُّحبة ابن الواسطىّ، والوكيل ابن السَّكاكريّ، وحضر القاضي حسام الدّين، ومحيي الدّين ابن النّحّاس، ورشيد الدّين سَعِيد، واحضر ناصر الدّين ابن أخى القاضي فقيل: قد ادّى الشُّهود فهل لكم دافع.
فاحضر النجم السّبتىّ، والمجد محمود، فشهدا عند حسام الدّين على القاضي عزّ الدّين بإسقاط ابن الحموىّ، وحضر الشَّيْخ على الْمَوْصِلِيّ، والوجيه السّبتىّ فشهدا عَلَى إقرار ابن الحموىّ انّه لا يعلم هذه القضيّة، فبدر ابن السّكاكرىّ، وقال عَلَى لسان القاضي إنّه لا يرى ذَلِكَ دافعا. فكتب بذلك صورة مجلس، وأُمهلوا ليحضروا دافعا. ثمّ طلب القاضي عزّ الدّين من السّلطان ان يحضر بنفسه، ويتكلّم مَعَ خصمه من غير توكيل منهما فِي مجلس يعُقد.
فأُجيب إلى ذَلِكَ، وعُقد المجلس بمحضر القضاة الأربعة، والشيخ تاج الدّين، والشيخ محيي الدّين ابن النّحاس، وزين الدّين الفارقىّ، وشمس الدّين ابن الصّدر سُلَيْمَان، والقاضي عزّ الدّين المذكور، فقال ابن السّكاكرىّ، وأشار إلى حسام الدّين: اسألكم الحكم بما ثبت لموكّلى.