للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا بدُ من شكوى إلى ذي بصيرةٍ ... يُريك سبيلَ الرُّشْد إنْ حادت السُّبُلُ

واصْغ إلى قولي أبثُّ صَبَابتي ... إليك وأحزاني فقد مضّني الثّكلُ

أخي ما لقلبي قد قسا فكأنّما ... عَلَيْهِ لذي [١] وعْظٍ وتذكرة قفلُ

فلا هُوَ للقرآن يخشع إنْ تلا ... ولا لأحاديث أتتنا بها الرُّسُلُ

ولا يرعوي يوما إلى وعظِ واعظِ ... ولا عَذَلِ ينهى وإنْ كثُر العذلُ

يُسوف بالطّاعات مهما أردتها ... ويُسرع فِي العصيان والغيّ ما يسلُ [٢]

جبانٌ عَنِ الخيرات [٣] وقتَ حضورها ... وإنْ حضر العصيانُ فالبطلُ الفحلُ

وكلّ عباداتي رياءٌ وسُمعة ... مَشُوب جميع القول فيهنّ والفعلُ

وإنْ رُمتُ صوما كَانَ لَغْوًا جميعُهُ ... وعند صلاتي يعتري السَّهْوُ والخَبَلُ

وكلُّ الَّذِي آتي من العُرف مُنْكَرٌ ... فماذا دهى عقلي أليس لَهُ عُقْلُ

إذا قلتُ يا نفسي إلى اللَّه فارجعي ... تراجعُني فِي القول من عنده الكلُّ

فإنْ شاء يهديني اهتديتُ وإنْ يشا ... يضلّ فمن ربّي الهداية والعدلُ

وإن قلت للجنّات والحُور فاعملي ... تقُلْ لي: وهل مُعطي الجنان هُوَ الفعلُ

بل اللهُ يُعطيني الجنانَ تفضُّلًا ... فمن ربّي الإحسان والْجُود والبذلُ

وقد قهرتني ثمّ أصبحتُ عندها [٤] ... أسيرا أخا قيْدٍ وفي عُنقي غُلُّ

فكلّ الَّذِي تبغيه منّي حاصل ... وما ابتغي منها فمِن دونه المطْلُ

فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها ... وهل لأسير النّفس من قَيْدها حَلّ

لقد خبْتُ إنْ لم يدْركْني بلُطفْه ... ورحمته ربٌ له اللّطف والفضلُ

وها أَنَا مُسْتهدٍ فكُنْ لي راشدا ... أَبَا حَسَن فالرُشْد أنت لَهُ أهلُ

وجملتها أربعون بيتا خفّفت منها [٥] .

قَالَ: فكتب إليّ رحمه الله على كبره وضعفه:


[١] في الأصل: «لدى» .
[٢] في ذيل المرآة ٤/ ٢٩٤ «وللغي ما يسلو» .
[٣] في ذيل المرآة ٤/ ٢٩٤ «جبان عن الطاعات» .
[٤] في ذيل المرآة ٤/ ٢٩٤ «عبدها» .
[٥] هي في ذيل المرآة ٤/ ٢٩٣- ٢٩٥.