للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني ضوء بْن صباح الزَّبِيديّ قال: ما رَأَيْت أنفع من الخاصكية لقد رأيتهم على باب حمص يحملون على التَّتَار عند اصفرار الشمس ويُنْكُون فِي التَّتَار، ثُمَّ يرجعون إلى السلطان.

وقال غيره: ألقى اللَّه الهزيمة فولوا مُدبرين بعد العصر، وبقيت العُدَد والأمتعة مُلقاةً قد ملأت تلك الأرض والرماح والجواشن والخُوَذ [١] .

أما نَحْنُ، فشرع الناس يتحدثون فِي أمر التَّتَار ويذكرون عَنْهُمْ خيرا، وأن ملكهم مُسْلِم، وأن جيشه لم يتبعوا المنهزمين. وبعد تمام الوقعة لم يقتلوا أحدا. وأن من وجدوه أخذوا فَرَسَه وسلاحه وأطلقوه. وكثُرت الحكايات من هذا النَّمط [٢] حَتَّى قال إنسان كبير: اسكت، هَؤُلَاءِ خيرٌ من عسكرنا ولا تخدع الناس.

وفي يوم السبت الظهر وقع بالبلد صرخات وصياح مزعج، وخرج الناس، وتهتكت النساء، وقيل: دخل التَّتَار. وازدحم الناس فِي باب الفَرَج، حتى مات نحو العشرة [٣] ، منهم النجم البغدادي الَّذِي يقرأ الغزوات تحت قبة عَائِشَة [٤] . ثُمَّ سكنت بعد لحظةٍ من غير أصل. فاجتمع أعيان البلد وتحدثوا فِي المصلحة، وهم فخر الدين ابن الشيرجي ناظر البلد، وعز الدين ابن


[ () ] ابن الوردي ٢/ ٢٤٧، ٢٤٨، ومرآة الجنان ٤/ ٢٣٠، والبداية والنهاية ١٤/ ٦- ١٢، وتذكرة النبيه ١/ ٢٢٠، ٢٢١، والعبر ١/ ٣٩١، والنهج السديد ٤٧٠، ومآثر الإنافة ٢/ ١٢٠، وتاريخ ابن خلدون ٥/ ٤١٣- ٤١٥، والسلوك ج ١ ق ٣/ ٨٨٦- ٩٠١، ومنتخب الزمان ٢/ ٣٧٦، والنجوم الزاهرة ٨/ ١١٧- ١٢٨، وتاريخ ابن سباط ١/ ٥١٩، ٥٢٠، وتاريخ الأزمنة ٢٧٨- ٢٨٠، وبدائع الزهور ج ١ ق ١/ ٤٠٣، ٤٠٤، والمقتفي للبرزالي ٢/ ورقة ٥ أو ٦ أ، والنفحة المسكية، ورقة ٤٤، وعقد الجمان (٤) ٩- ٢٣، والحوادث الجامعة ٢٣٧، وذيل مرآة الزمان ٤/ ورقة ٣٠٦، ٣٠٧.
[١] تاريخ حوادث الزمان ١/ ٤٦٣، الدر الفاخر ١٧.
[٢] تاريخ حوادث الزمان ١/ ٤٦٣، تاريخ سلاطين المماليك ٥٩، الدر الفاخر ١٨، العبر ٥/ ١٩١.
[٣] في تاريخ سلاطين المماليك ٥٩: «نحو من عشرين نفس» ، ومثله في: الدر الفاخر ١٨.
[٤] في تاريخ حوادث الزمان ١/ ٤٦٣: «النجم البغدادي المحدث، وصبي معري مقرئ» .