أكثر من معه، فقُتِل فِي الحال، وحُمِل رأسه على رمح، وجاءوا إلى القاهرة فلم يمكنهم الشّجاعيّ من التّعدية، وكان نائبا للسلطان فِي تلك السَّفرة، فأمر بالشواني والمراكب كلها فرُبطت إلى الجانب الآخر، ونزل الجيش على الجانب الغربيّ، ثُمَّ مشت بينهم الرسُل على أن يقيموا فِي السَّلْطَنَة أخا السلطان، وهو المولى السلطان الملك النّاصر، أيّده اللَّه. فتقرر ذَلِكَ، وأجلسوه على التّخت السلطاني فِي يوم الاثنتين رابع عَشْر المُحَرَّم بأنْ يكون أتابكه كَتْبُغا ووزيره الشُّجاعيّ. واختفى حسام الدِّين لاجين وغيره ممّن شارك فِي قتل السلطان.
قَالَ شمس الدِّين الْجَزَريّ فِي «تاريخه»[١] : حَدَّثَنِي الأمير سيف الدِّين أبو بَكْر بْن المحفدار قال:
كان السلطان، رحمه اللَّه، قد نفّذني بُكرةً إلى بَيْدَرا بأن يتقدَّم بالعسكر، فَلَمّا قلت ذَلِكَ نفر فِيّ وقال: السمع والطاعة، كَم يستعجلني. ثُمَّ إني حملت الزَّرَدْخاناه والثقل الَّذِي لي، وركبت قبلهما أَنَا ورفيقي الأمير صارم الدِّين الفخري ورُكن الدِّين أمير جَنْدار عند الغروب سائرين، وإذا بَنجّابٍ، فقلنا: أَيْنَ تركتَ السلطان؟ فقال: يطول اللَّه أعمارُكم فِيهِ. فبُهتْنا، وإذا بالعصائب قد لاحت، ثُمَّ أقبل الأمراء وفي الدَّسْت بَيْدَرا، فجئنا وسلَّمنا، ثُمَّ سايَرَه أمير جَنْدار فقال: يا خَونْد، هذا الَّذِي تمّ كان بمشورة الأمراء؟ قال:
نعم. أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم، وها هُمْ حضور. وكان من جملتهم حسام الدِّين لاجين، وبهادُر رأس النَّوبة، وشمس الدِّين قراسُنْقُر، وبدر الدِّين بَيْسريّ. ثُمَّ شرع بَيْدَرا يعدد ذنوبه وهناته وإهماله لأمور المسلمين، واستهتاره بالأمراء، وتوزيره لابن السَّلعوس.