له، فذهبوا به إلى الْجُبّ فأنزلوه. فقيل إنَّ عزَّ الدِّين الحَمَويّ والأعسر وغيرها شتموه فِي الجبّ لأنَّه كان سبب حبْسهم. ثُمَّ مضى طُغْجي إلى داره، فاغتنم كُرْجي غيبته، وجاء فِي جماعةٍ، فأخرجوا منكوتمر بصورة أنهم يقيّدونه، فذبحوه ونهبوا داره، واتفقوا فِي الحال على أن يعيدوا إلى السَّلْطَنَة المولى الملك النّاصر، وأن يكون سيف الدِّين طُغْجي نائبة. وحلفوا له على ذَلِكَ. ثُمَّ أصبحوا يحلّفون الأمراء، وأرسلوا سلار، وهو يومئذٍ أمير صغير، لإحضار الملك الناصر من الكَرَك. ثُمَّ عمل طُغْجي نيابة السَّلْطَنَة من الغد، وركب فِي الموكب، ومَدّ السماط كأنهم ما عملوا شيئا. ووصل الأمير بدر الدِّين بكتاش الفخريِ أمير سلاح من غزوته من الشَّام، فبلغه الأمر ببلبيس، فانزعج لذلك، وساق إليه جماعة أمراء وعرفوه أنّ الّذي جرى لم يكن بأمرهم. فاتفقوا على قتل طُغْجي وكُرْجي، فقتلا يوم الثلاثاء الآتي. وذلك أنّ أمير سلاح لما دخل خرج لتلقيه طُغْجي وسلم عليه، وبكى شيئا.
ثُمَّ قال أمير سلاح: كان لنا عادة من السّلطان إذا قدِمْنا يتلقّانا، وما أعلم ذنبي.
فقال: ما عرفتَ ما جرى؟ قُتِل السّلطان.
قال: من الّذي قتله؟
فقال أمير: قتله كُرْجي وطُغجي.
فأظهر الإنكار وقال: كلّ ما قام للإسلام ملك تقتلونه، تأخَّر عني. ثُمَّ ساق عَنْهُ فأحس طُغْجي بالأمر وخاف، وهمز فرسه وساق، فانقضّ عليه أميرٌ فمسكه بدَبُوقته وقتله هُوَ وأميرٌ آخر، وقُتِل مع طُغْجي ثلاثة. ثُمَّ ساق الموكب إلى تحت القلعة، وكان كُرجي بها يحفظها، فأُعلم بما جرى، فألبس البُرجيّة السلاح، وركب فِي أكثر من ألف فارس، فركبت الأمراء والحلقة، وأكثر الجيش فِي خدمة أمير سلاح، وبقوا إلى الرابعة، ثُمَّ حملوا على البُرجيَّة فهزموهم.
وقيل: إنّ كرجي حمل وساق معتقدا أن أصحابه يحملونه معه، فتخلّوا