للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التّصوّف والعبادة والزُّهد. وكان أشقر، أبيض الرأس واللّحية، خفيف اللّحم لم يصنّف شيئا، ولا كان أحد يقدر أن يعيد ما يقوله لكثرة ما يقول على الآية، وربّما فسَّر فِي الآية الواحدة على لسان القوم ثلاثة أشهر. خلّف كتبا كثيرة وعدّة أولاد.

قلت: تُوُفّي فِي هذا العام، وصلّوا عليه بالقاهرة صلاة الغائب فِي رابع عَشْر رمضان. وكانت وفاته بتونس، ودُفِن بظاهرها بجبل الزّلّاج، وشيّعه سائر أهل تونس. وكان جمعا مشهودا، وحضره صاحب تونس المستنصر باللَّه أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الواثق يحيى بْن المستنصر أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يحيى بْن عَبْد الواحد بْن عمر الهنتاتيّ، وعاش اثنتين وستّين سنة. وكانت وفاته ليلة السّبت الثاني والعشرين من ربيع الآخر من السّنة [١] .

وفيها ولد:

القاضي عماد الدين ابن قاضي القُضاة عَلَمُ الدِّين ابن الأحنائيّ، وبدر الدين محمد بن علي بن محمد ابن السّكاكريّ، وجمال الدِّين إِبْرَاهِيم بْن يونس الغانميّ.


[١] وقد هاجم اليافعي، المؤلّف- رحمه الله- كعادته حين يتعرّض لتراجم بعض الزّهاد، فقال:
«وأما قول الذهبي في ترجمته وأبو محمد عبد الله المرجاني الواعظ المذكور أحد مشايخ الإسلام علما وعملا، مقتصرا على هذه الألفاظ من غير زيادة فغضّ من قدره كما هو عادته في مشايخ الصوفية السادة الصفوة أولي الأسرار والأنوار الذين في حقهم التفخيم والتنويه بعظم الجلالة والمقدار» .
ويقول خادم العلم وطالبه، محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : أعتقد أنّ المؤلّف- رحمه الله- لم يقصّر في تحبير ترجمة «المرجاني» ، ولم يقتصر قوله على ما ذكره اليافعي.