للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَمِيرِهِ، مُشْفِقٌ عَلَى قَوْمِهِ، نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فَقَالَ: أَتَقْبَلُ هَذَا مِنْهُ وَقَدْ نَزَلَ بِأَرْضِكَ وَإِلَى جَنْبِكَ: وَاللَّهِ لَئِنْ خَرَجَ مِنْ بِلادِكَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ فِي يَدِكَ لَيَكُونَنَّ أَوْلَى بِالْقُوَّةِ وَالْعِزِّ، وَلْتَكُونَنَّ أَوْلَى بِالضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، فَلا تُعْطِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فَإِنَّهَا مِنَ الْوَهَنِ، وَلَكِنْ لِيَنْزِلْ عَلَى حُكْمِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَنْتَ وَلِيَّ الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ غَفَرْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَيَتَحَدَّثَانِ عَامَّةَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتُ الرَّأْيَ رَأْيَكَ [١] .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» [٢] : ثنا مُوسَى بْنُ إسماعيل، ثنا سليمان بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ طُعِنَ فِي سُرَادِقِ الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ وَوَلَدَيْهِ قَدْ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، ثُمَّ عُلِّقُوا عَلَى الْخَشَبِ، ثُمَّ أُلْهِبَ فِيهِمُ النَّارُ.

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرِ الْبَاقِرِ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ أَمَانًا بِشَرْطِ أَلا يُحْدِثُ- وَنَوَى بِالْحَدَثِ دُخُولَ الْخَلاءِ- ثُمَّ قَتَلَهُ [٣] . وَقَالَ عِمْرَانُ بْنِ مِيثَمٍ [٤] : أَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَنْ قَتَلَهُ وَجَاءَهُ بِرَأْسِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَّنَهُ، فَقَالَ ابْنُهُ حَفْصٌ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: إِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ بِالْحُسَيْنِ، وَحَفْصُ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَلا سَوَاءٌ [٥] .

قُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ الأَكْبَرُ لَيْسَ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ.

قَالَ خَلِيفَةُ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ على فراشه [٦] .


[١] تاريخ الطبري ٥/ ٤١٤، الكامل في التاريخ ٤/ ٥٥.
[٢] لم أجد قول البخاري لا في ترجمة عمر بن سعد، ولا في ترجمة الحسين بن علي.
[٣] البداية والنهاية ٨/ ٢٧٣.
[٤] في الأصل مهمل، وهو بكسر الميم وفتح الثاء.
[٥] زاد ابن كثير في «البداية والنهاية» ٨/ ٢٧٤: «والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله» .
[٦] هذه العبارة ليست في طبقات خليفة، ولا في تاريخه، ففي الطبقات ٢٤٣ أنه قتل سنة ٦٥، وفي التاريخ ذكر مقتله في سنتي ٦٦ و ٦٧ هـ.