للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربعا لواضحة الجبين به فِي عِزَّةٍ ... كَالشَّمْسِ إِذ طَلَعَتْ رَخِيمَ الْمَنْطِقِ

قَدْ كُنْتُ أَعْهَدُهَا بِهِ فِي عِزَّةٍ ... وَالْعَيْشُ صَافٍ وَالْعِدَى لَمْ تَنْطِقِ

حَتَّى إِذَا هَتَفُوا وَأذَّنَ فِيهِمُ ... دَاعِي الشَّتَاتِ بِرِحْلَةٍ وَتَفَرُّقِ

خَلَتِ الدِّيَارُ فَزُرْتُهَا فَكَأَنَّنِي ... ذُو حَيَّةٍ مِنْ سِمِّهَا لَمْ يَفْرُقِ [١]

وَهُوَ الْقَائِلُ:

وَكُلُّ مُلِمَّاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ [٢]

وَمِنْ شعره:

ولو أنّني أسطيع صَبْرًا وَسُلْوةً ... تَنَاسَيَتُ لُبْنَى غَيْرَ مَا مُضْمِرٍ حِقْدَا

وَلَكِنَّ قَلْبِي قَدْ تَقَسَّمَهُ الْهَوَى ... شَتَاتًا فَمَا أَلْفَى صَبُورًا وَلا جَلَدًا

سَلِ اللَّيْلَ عَنِّي كَيْفَ أَرْعَى نُجُومَهُ ... وَكَيْفَ أُقَاسِي الْهَمَّ مُسْتَخْلِيًا فَرْدَا

كَأَنَّ هُبُوبُ الرِّيحِ مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ ... تُثِيرُ قَنَاةَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ النَّدَا

وَعَنْ أبي عمرو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَامْتَدَحَهُ، فَأَدْنَاهُ وَأَمَرَ لَهُ بِخْمَسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ وَقَالَ: كَيْفَ وَجْدُكَ بِلُبْنَى؟

قَالَ: أشدّ وجد، قال: فترضى زواجها؟ قال: ما لي فِي ذَلِكَ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ:

فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَأْذَنُ لِي فِي الإِلْمَامِ بِهَا، وَتَكْتُبُ إِلَى عَامِلِكَ، فَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَنْشَدَهُ:

أَضَوْءُ سَنَا بَرْقٍ بَدَا لَكَ لَمْعُهُ ... بِذِي الأَثْلِ مِنْ أَجْرَاعِ بثنة تَرْقُبُ

نَعَمْ إِنَّنِي صَبٌّ هُنَاكَ مُوَكَّلٌ ... بِمَنْ لَيْسَ يُدَنِّينِي وَلا يَتَقَرَّبُ

مَرِضْتُ فَجَاءُوا بِالْمُعَالِجِ وَالرُّقَى ... وَقَالُوا: بَصِيرٌ بِالدَّوَاءِ مُجَرَّبُ

فَلَمْ يُغْنِ عَنِّي مَا يَعْقِدُ طَائِلا ... وَلا مَا يُمَنِّينِي الطَّبِيبُ الْمُجَرِّبُ

وَقَالَ أُنَاسٌ وَالظُّنُونُ كَثِيرَةً ... وَأَعْلَمُ شَيْءٍ بِالْهَوَى مَنْ يُجَرِّبُ

أَلا إِنَّ فِي الْيَأْسِ الْمُفَرِّقُ رَاحَةً ... سَيُسْلِيكَ عَمَّنْ نَفْعُهُ عَنْكَ يَعْزُبُ

فَكُلُّ الَّذِي قَالُوا بَلَوْتُ فَلَمْ أَجِدْ ... لِذِي الشَّجْوِ أَشْفَى مِنْ هَوَى حِينَ يقرب


[١] انظر الحكاية وأبياتا أخرى في: الأغاني ٩/ ١٨١- ١٨٥.
[٢] البيت في: الأغاني ٩/ ١٨٩، ومجالس ثعلب ١/ ٢٣٧، وحماسة أبي تمّام بشرح التبريزي ٣/ ٢٢٢.