للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ الْبُحْتُرِيُّ [١] بْنُ الْجَعْدِ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَجْنُونُ لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ أُمِّ مَالِكٍ الْعَامِرِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيلَ: مِنْ بَنِي كَعْبٍ بْنِ سَعْدٍ.

سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ أَلَّفَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَى وَالْمَجْنُونَ، وَهَذَا دَفَعَ بِالصَّدْرِ، فَلَيْسَ مَنْ لا يَعْلَمُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ، وَلا الْمُثْبِتُ كَالنَّافِي، فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمُحَارِبِيِّ: أن الْمَجْنُونَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاقَةَ الصِّبَا، وَذَلِكَ لأنّهما كانا صَغِيرَيْنِ يَرْعَيَانِ أَغْنَامًا لِقَوْمِهِمَا، فَعَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ، وَكَبُرَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَبُرَا حُجِبَتْ عَنْهُ، فَزَالَ عَقْلُهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ:

تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهِيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ

صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ الْبَهْمُ [٢]

وَذَكَرَ ابْنُ دَآبٍ [٣] ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ جَارِيَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، لَهَا عَقْلٌ وَأَدَبٌ، يُقَالُ لَهَا لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ، فَبَلَغَ الْمَجْنُونَ خَبَرُهَا، وَكَانَ صَبًّا بِمُحَادَثَةِ النِّسَاءِ، فَلَبِسَ حُلَّةً ثُمَّ جَلَسَ إِلَيْهِا وَتَحَادَثَا، فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ، فَظَلَّ يَوْمَهُ يُحَادِثُهَا، فَانْصَرَفَ فَبَاتَ بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ، ثُمَّ بَكَّرَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَمْسَى، وَلَمْ تَغْمُضْ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَيْنٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ هَزّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ


[ () ] والنجوم الزاهرة ١/ ١٧٠، وتزيين الأسواق ١/ ٩٧، وثمار القلوب ١١١ رقم ١٥٨، وأمالي القالي ١/ ١٣٦ و ١٣٧ و ١٦٢ و ٢٠٣ و ٢٠٧ و ٢٠٨ و ٢١٥ و ٢١٦ و ٢٢١ و ٢/ ٦١ و ٢٦٢ و ٣/ ٦٣ والذيل ٤٧ و ١١٨، وشذرات الذهب ١/ ٢٧٧، وخزانة الأدب ٢/ ١٧٠، وتاريخ الأدب العربيّ ١/ ١٩٩، ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٤٢ رقم ٨٧٨، وديوانه بتحقيق عبد الستار فرّاج، ونشوار المحاضرة ٥/ ١١٠٨، وبدائع البدائه ٣٢ رقم ١٠٩، ١٩.
[١] في طبعة القدسي ٦٤ «البحتري» وهو تحريف.
[٢] البيتان باختلاف بعض الألفاظ في: الديوان ٢٣٨، والأغاني ٢/ ١١ و ١٢، والشعر والشعراء ٢/ ٤٦٨، وسير أعلام النبلاء ٤/ ٦.
[٣] ابن دأب: بتشديد الهمزة المضمومة. هو: عِيسَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ دَابٍ. كان عالما بأخبار العرب وأشعارهم، وشاعرا، انظر عنه في كتاب «التاج» للجاحظ ١١٦، ١١٧.