للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: كَانَ مَرْوَانُ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ الْعُنُقِ [١] ، كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ «خَيْطَ بَاطِلٍ» [٢] لِدِقَّةِ عُنُقِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ: كَانَ عَلِيٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْهُ! قَالَ: تَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ [٣] . وَقَالَ عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي زِيَادُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَقُلْتُ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ في حدود الله:

مَرْوَانُ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقَالُ: كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتْبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ.

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَسْتَفْتِي، فَجَاءَتِ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ فِي النَّذْرِ إِلا الْوَفَاءَ، قَالَتْ: أَفَأَنْحَرُ ابْنِي؟ قَالَ: قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَاكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِنْ تَوَافَى لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ، فَلَمَّا تَوَافَوْا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهمّ، أَهُوَ أَوْ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَ الْمِائَةِ وَبَيْنَهُ، فَصَارَتِ الْقُرَعَةُ عَلَى الإِبِلِ، فَأَرَى أَنْ تَنْحَرِي مِائَةً مِنَ الإِبِلِ مَكَانَ ابْنِكِ، فَبَلَغَ الْحَدِيثُ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: مَا أَرَاهُمَا أَصَابَا، إِنَّهُ لا نذر في معصية الله، فاستغفري الله


[١] أي قصيره.
[٢] كان مروان يقال له «خيط باطل» لأنه كان طويلا مضطربا، قال الشاعر:
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع
انظر: لطائف المعارف ٣٦، وثمار القلوب ٧٦ رقم ١٠٣، ومروج الذهب ٣/ ٧٢، وراجع ترجمة: عمرو بن سعيد الأشدق قبل قليل من هذا الجزء.
[٣] تاريخ دمشق ١٦/ ١٧٣ أ.