للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ شَهِدَ أَبُو جَهْمٍ الْيَرْمُوكِ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئًا مَعَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ.

وَحَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ فِيكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ:

نَمِيلُ عَلَى جَوَانِبِهِ كَأَنَّا ... نَمِيلُ إِذَا نَمِيلُ على أبينا [١] .

نقلّبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كَرَمًا وَلِينًا [٢] .

فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ.

وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَفَدَ أَبُو جَهْمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَاعْتَذَرَ فَلَمْ يَرْضَ بِهَا، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ أَلْفًا، فَقُلْتُ: غُلامٌ نَشَأَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، وَمَعَ هَذَا فَابْنُ كَلْبِيَّةٍ، فَأَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَتَيْتُهُ وَافِدًا، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا مُؤَنًا وَحِمَالاتٍ، وَلَمْ أَجْهَلْ حَقَّكَ، فَإِنِّي غَيْرُ مُخَيِّبِ سَفَرَكَ، هَذِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا، فَقُلْتُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَمْ تَقُلْ هَذَا لِمُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَقَدْ نِلْتَ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا، قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا، وَخِفْتُ إِنْ أَنْتَ هَلَكْتَ أَنْ لا يَلِي أَمْرَ النَّاسِ بَعْدَكَ إِلا الْخَنَازِيرُ.

١٢٧- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ [٣] هندَ بنتَ أَبِي أُمَيّة بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مخزوم المخزوميّة


[١] في عيون الأخبار ١/ ٢٨٤:
«إذا ملنا نميل على أبينا» .
[٢] البيتان لعبد المسيح في ابن عبد كلال، وهما في:
عيون الأخبار ١/ ٢٨٤، وأمالي القالي ١/ ٢٣٧، والعقد الفريد ١/ ٥٢ بتقديم وتأخير.
[٣] انظر عن (أمّ سلمة) في:
طبقات ابن سعد ٨/ ٨٦- ٩٦، والتاريخ الصغير ٣٢، والمحبّر ٨٣ و ٨٤ و ٩٢ و ٩٨- ١٠٠ و ١٠٢ و ١٠٧ و ١٧٧ و ٢٧٤ و ٢٨٩ و ٤٤٩، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) ١١٧٩، وسيرة ابن هشام ١/ ٢١ و ١٨٥ و ٣٥٤ و ٣٦٠ و ٢/ ٢٠ و ١١٠ و ١٣٨ و ٣/ ٣١٤ و ٤/ ٢٩١ و ٢٩٢ و ٢٩٦، وتاريخ اليعقوبي ٢/ ٨٤ و ١٨٠ و ١٩٧ و ٢٤٥، والمعرفة والتاريخ ١/ ٢١٥ و ٢٤٦ و ٢٧١ و ٣٦٥ و ٤١٦ و ٥١٠ و ٦٨٠ و ٢/ ١٠٧ و ٢٠٤ و ٢٧٣ و ٢٧٤، والعقد الفريد