للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِ الْمَائِلِينَ يُمَنِّيهِمْ وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ وَإِمْرَةَ أَصْبَهَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُ.

وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَتَى بِكِتَابِهِ مُصْعَبًا، وَفِيهِ إِنْ بَايَعَهُ وَلاهُ الْعِرَاقَ. وَقَالَ لِمُصْعَبٍ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابُكَ بِمِثْلِ كِتَابِي فَأَطِعْنِي وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ: إِذًا لا تُنَاصِحُنَا عَشَائِرُهُمْ [١] ، قَالَ: فَأَوْقِرْهُمْ حَدِيدًا وَأَسْجِنْهُمْ بِأَبْيَضِ كِسْرَى وَوَكِّلَ بِهِمْ مَنْ إِنْ غُلِبْتَ ضَرَبَ أَعَنْاقَهُمْ، وَإِنْ نُصِرْتَ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: يَا أَبَا النُّعْمَانَ إِنِّي لَفِي شُغْلٍ عَنْ ذَلِكَ، يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَحْرٍ- يَعْنِي الأَحْنَفَ- إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ الْعِرَاقِ [٢] .

وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ: هَمَّ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِالْغَدْرِ بِمُصْعَبٍ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ لا تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُمْ، فو الله لَئِنْ تَطَعَّمُوا بِعَيْشِكُمْ لَيُصْفِيَنَّ [٣] عَلَيْكُمْ مَنَازِلَكُمْ.

وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قَلَبَ الْقَوْمُ أَتْرِسَتَهُمْ وَلَحِقُوا بِعَبْدِ الْمَلِكِ [٤] .

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ [٥] : لَمَّا تَدَانَى الْجَمْعَانِ حَمَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ هَرَبَ عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَكَانَ عَلَى الْخَيْلِ مَعَ مُصْعَبٍ. وَجَعَلَ مُصْعَبُ كُلَّمَا قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ عَسْكَرِهِ: تَقَدَّمْ، لا يُطِيعُهُ.

فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيرِ مُصْعَبٍ إلى عبد الملك، فقال: أمه عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: فَمَعَهُ الْمُهَلَّبُ بْنُ أبي صفرة؟


[١] في: سير أعلام النبلاء ٤/ ١٤٣: «إذا تغضب عشائرهم» .
[٢] الخبر في: الأخبار الموفّقيّات للزبير ٥٥٧، ٥٥٨، والأغاني ١٩/ ١٢٣، ١٢٤، وأنساب الأشراف ٥/ ٣٤٠، ٣٤١، والأخبار الطوال ٣١٢.
[٣] هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري ٦/ ١٥٧، أما في أنساب الأشراف ٥/ ٣٤٤ «ليضيّقنّ» .
[٤] انظر تفاصيل الخبر في: الأخبار الموفقيات ٥٥٧ وما بعدها، والأغاني ١٩/ ١٢٣ وما بعدها.
[٥] في تاريخه ٦/ ١٥٧.