للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ جَاءَ شَبِيبٌ فَنَازَلَ الْكُوفَةَ. وَحَفِظَ النَّاسُ السِّكَكَ، وَبَنَى شَبِيبٌ مَسْجِدًا بِطَرَفِ السَّبْخَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو الْوَرْدِ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي عِدَّةِ غِلْمَانٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ [١] .

ثُمَّ خَرَجَ طُهْمَانَ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي طَائِفَةٍ، فَقَتَلَهُ شَبِيبٍ [٢] .

ثُمَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ خَرَجَ مِنْ قَصْرِ الْكُوفَةِ، فَرَكِبَ بَغْلا، وَخَرَجَ فِي جَيْشِ الشَّامِ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ نَزَلَ الْحَجَّاجُ وَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ نَادَى: يَا أَهْلَ الشَّامِ، أَنْتُمْ أَهْلُ السَّمَعِ وَالطَّاعَةِ وَالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، لا يَغْلِبَنَّ بَاطِلُ هَؤُلاءِ حَقَّكُمْ، غُضُّوا الأَبْصَارَ، وَاجْثُوا عَلَى الرَّكْبِ، وَأَشْرِعُوا [٣] إِلَيْهِمْ بِالأَسِنَّةِ [٤] .

وَكَانَ شَبِيبٌ فِي سِتِّمِائَةٍ، فَجَعَلَ مِائَتَيْنِ مَعَهُ كُرْدُوسًا، وَمِائَتَيْنِ مَعَ سُوَيْدِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمِائَتَيْنِ مَعَ الْمُحَلَّلِ بْنِ وَائِلٍ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِذَا غُشِيَ أَطْرَافُ الأسِنَّةِ وَثَبُوا فِي وُجُوهِهِمْ يَطْعَنُوهُمْ قُدُمًا قُدُمًا، فَانْصَرَفُوا، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ بِتَقْدِيمِ كُرْسِيَّةٍ، وَصَاحَ فِي أَصْحَابِهِ فحمل عليهم شبيب، فثبتوا، وطال القتال، فلما رَأَى شَبِيبٌ صَبْرَهُمْ نَادَى: يَا سُوَيْدُ احْمِلْ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ لَعَلَّكَ تُزِيلُ أَهْلَهَا عَنْهَا، فَتَأْتِي الْحَجَّاجَ مِنْ وَرَائِهِ وَنَحْنُ مِنْ أَمَامِهِ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَى أَهْلِ السِّكَّةِ، فَرُمِيَ مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ، فَرُدَّ [٥] .

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ لَقِيطٍ الْخَارِجِيُّ قَالَ: فَقَالَ لَنَا شَبِيبٌ يَوْمَئِذٍ: يَا أَهْلَ الإِسْلامِ، إِنَّمَا شَرَيْنَا اللَّهَ، وَمَنْ شَرَى اللَّهَ [٦] لَمْ يَكْثُرْ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ، شَدَّةٌ كَشَدَّاتِكُمْ فِي مَوَاطِنِكُمُ الْمَعْرُوفَةِ، وَحَمَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَوَثَبَ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ طَعْنًا وَضَرْبًا، فَنَزَلَ شَبِيبٌ وَقَوْمُهُ، فَصَعِدَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَسْجِدِ شَبِيبٍ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ رَجُلا وقال:


[١] تاريخ الطبري ٢٦٩٦، تاريخ خليفة ٢٧٦، الفتوح ٧/ ٨٦.
[٢] الطبري ٩/ ٢٦٩، تاريخ خليفة ٢٧٦، الفتوح ٧/ ٨٥.
[٣] في نسخة دار الكتب «وأسرعوا» ، والتصحيح من نسخة حيدراباد، والطبري.
[٤] الطبري ٦/ ٢٦٩.
[٥] تاريخ الطبري ٦/ ٢٦٩، ٢٧٠.
[٦] في نسخة دار الكتب (إنما سرينا للَّه ومن سرى للَّه) وما أثبتناه عن نسخة حيدرآباد، والطبري.