للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُرْوَى أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَنْتَ الشاهر علينا سَيْفَكَ يَوْمَ صِفِّينَ وَالْمُخَذِّلُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لا تُؤَنِّبْنَا بِمَا مَضَى مِنَّا، وَلا تَرُدَّ الأُمُورَ عَلَى أَدْبَارِهَا، فَإِنَّ الْقُلُوبَ الَّتِي أَبْغَضْنَاكَ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِنَا، وَالسُّيُوفُ الَّتِي قَاتَلْنَاكَ بِهَا عَلَى عَوَاتِقِنَا، فِي كَلامِ غَيْرِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَتْ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَهَدَّدُ؟ قَالَ: هَذَا الَّذِي إِنْ غَضِبَ غَضِبَ لِغَضَبِهِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْ تَمِيمٍ، لا يَدْرُونَ فِيمَ غَضِبَ [١] .

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ شَيْئًا، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ: فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا بَحْرٍ، مَالَكَ لا تَتَكَلَّمُ: قَالَ: أَخْشَى اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُمْ إِنْ صَدَقْتُ [٢] .

وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ، كَيْفَ يَتَكَبَّرُ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: مَا أَتَيْتُ بَابَ هَؤُلاءِ إِلا أَنْ أُدْعَى، وَلا دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلانِي بَيْنَهُمَا، وَلا ذَكَرْتُ أَحَدًا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِي إِلا بِخَيْرٍ [٣] .

وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ فَكَانَ فَوْقِي إِلا عَرَفْتُ لَهُ قَدْرَهُ، وَلا كَانَ دُونِي إِلا رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَلا كَانَ مِثْلِي إلا تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ [٤] .

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ الأَحْنَفُ: لَسْتُ بِحَلِيمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ [٥] .

وَبَلَغَنَا أَنَّ رجُلا قَالَ لِلأَحْنَفِ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً لَتَسْمَعَنَّ عَشْرًا، فَقَالَ لَهُ: لَكِنَّكَ لَئِنْ قُلْتَ عَشْرًا لم تسمع واحدة.


[١] تهذيب تاريخ دمشق ٧/ ٢٠.
[٢] التهذيب ٧/ ٢٠.
[٣] التهذيب ٧/ ٢٠.
[٤] التهذيب ٧/ ٢٠.
[٥] التهذيب ٧/ ٢٠.