للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنْ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْحَكَمَيْنِ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَلْيُطُلِعْ إِلَيَّ قَرْنَهُ، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ، قَالَ: فَحَلَلْتُ حَبْوَتِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهِ مَنْ قَاتَلَكَ وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تُفَرِّقُ الْجَمْعَ وَتُسْفِكُ الدِّمَاءَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ [١] .

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى، وَعَمْرُو لِلتَّحْكِيمِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لِهَذَا الأَمْرِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، فقال عمرو لابن عمر: أما تريد أن نبايعك؟ فهل لك أن تعطى مالا عَظِيمًا، عَلَى أَنْ تَدَعَ هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ هُوَ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْكَ، فَغَضِبَ وَقَامَ، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ تُعْطَى مَالا عَلَى أَنْ أُبَايِعَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُعْطِي عَلَيْهَا وَلا أُعْطَى وَلا أَقْبَلُهَا إِلا عَنْ رِضَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [٢] .

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَّالٍ الأيْلِيِّ [٣] ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: أَلا تَخْرُجُ إِلَى الشَّامِ فَيُبَايِعُوكَ؟ قَالَ:

فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: تُقَاتِلُهُمْ بِأَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ يُبَايِعَنِي النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا أَهْلَ فَدَكَ، وَإِنِّي قَاتِلُهُمْ فَقُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ مَرْوَانُ:

إِنِّي أَرَى فِتْنَةَ تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا [٤]

قُلْتُ: أَبُو لَيْلَى هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يزيد.


[١] أخرجه البخاري في المغازي ٧/ ٣٠٩- ٣١١ باب غزوة الخندق، وعبد الرزاق في المصنف ٥/ ٤٦٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٤٢.
[٢] حلية الأولياء ١/ ٢٩٣، ٢٩٤، تاريخ دمشق ١٤٢، ١٤٣.
[٣] مهملة في الأصل.
[٤] طبقات ابن سعد ٤/ ١٦٩، وتاريخ دمشق ١٤٤.