للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ [١] : صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ.

قُلْتُ: هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُوَيْمِرٍ، وَيُقَالُ: مَعْبَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عكيم [٢] ، وَلَدَ الَّذِي رَوَى: «لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ» [٣] . وَقِيلَ: هُوَ مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ.

وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ بِالْبَصْرَةِ.

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْقُرَّاءُ إِلَى مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ مَوْضِعَ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالُوا لَهُ: قَدْ طَالَ أَمْرُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَلَوْ لَقِيتَهُمَا فَسَأَلْتَهُمَا عَنْ بَعْضِ أَمْرِهِمَا، فَقَالَ: لا تُعَرِّضُونِي لِأَمْرٍ أَنَا لَهُ كَارِهٌ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، كأنّ قلوبهم أقفلت بأقفال الحديد، وأنا صائر إِلَى مَا سَأَلْتُمْ، قَالَ مَعْبَدٌ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: صحِبْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنت من صَالِحِي أَصْحَابِهِ، وَاسْتَعْمَلَكَ، وَقُبِضَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الأَمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ، فَقَالَ: يَا مَعْبَدُ غَدًا نَدْعُو النَّاسَ إِلَى رَجُلٍ لا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَزَلَ صَاحِبَهُ، فَطَمِعْتُ فِي عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ بَغْلَتَهُ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَأَخَذْتُ بِعَنَانِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّكَ قَدْ صحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنت من صالحي أصحابه، قَالَ: بِحَمْدِ اللَّهِ. قُلْتُ: وَاسْتَعْمَلَكَ، وَقُبِضَ رَاضِيًا عَنْكَ. قَالَ:

بِمَنِّ اللَّهِ. ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ شَزَرًا، فَقُلْتُ: قَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ، فَنَزَعَ عَنَانَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: إِيهًا تَيْسَ جُهَيْنَةَ، مَا أنت وهذا؟ لست


[١] في الجرح والتعديل ٨/ ٢٨٠.
[٢] في طبعة القدسي ٣/ ٣٠٤ «حكيم» وهو تحريف، والتصويب من ترجمة أبيه «عبد الله بن عكيم» التي مرّت في هذه الطبقة.
[٣] أخرجه أبو داود في كتاب اللباس (٤١٢٧) باب من روى أن لا ينتفع بإهاب، الميتة، و (٤١٢٨) ، والترمذي في اللباس (١٧٨٣) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت، والنسائي في كتاب الفرع والعتيرة ٧/ ١٧٥ باب ما يدبغ به جلود الميتة، وابن سعد في الطبقات ٦/ ١١٣.