للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْهُ قَالَ: مَا نَظَرْتُ إِلَى قَفَا رَجُلٍ فِي الصَّلاةِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً [١] ، يَعْنِي لِمُحَافَظَتِهِ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ.

وَكَانَ سَعِيدُ مُلازِمًا لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ [٢] .

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا لا يَأْخُذُ الْعَطَاءَ، وَلَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ- يَتَّجِرُ بِهَا فِي الزَّيْتِ [٣] .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أَعْلَمُ فِي التَّابِعِينَ أَوْسَعَ عِلْمًا مِنْهُ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِينَ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: مُرْسَلاتُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ صِحَاحٌ [٤] .

قُلْتُ: قَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [٥] : ضَرَبَ سَعِيدًا حِينَ دَعَاهُ إِلَى بَيْعَةِ الْوَلِيدِ، إِذْ عَقَدَ لَهُ أَبُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْخِلافَةِ، فَأَبَى سَعِيدٌ وَقَالَ: أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَضَرَبَهُ هِشَامٌ وَطَوَّفَ بِهِ وَحَبَسَهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَمْ يرضه، فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ، فَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنَيْهِ الْعَهْدَ، وَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى الْبُلْدَانِ، وَأَنَّ عَامِلَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ هِشَامٌ الْمَخْزُومِيُّ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَبَايَعُوا، وَأَبَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا، وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ رأس الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالُوا: السِّجْنِ.

قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَدًا، فَرَدُّوهُ إِلَى السجن.


[١] جاء في الحلية: «ما نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة من عشرين سنة» وجاء: «لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة عشرين منها لم ينظر في أقفية الناس» . (٢/ ١٦٣) وانظر:
وفيات الأعيان ٢/ ٣٧٥.
[٢] وفيات الأعيان ٢/ ٣٧٥.
[٣] تذكرة الحفاظ ١/ ٥٤.
[٤] وقال النووي في تهذيب الأسماء ١/ ٢٢١: «وأما قول أصحابنا المتأخّرين مراسيل سعيد بن المسيب حجّة عند الشافعيّ فليس على إطلاقه على المختار، وإنما قال الشافعيّ إرسال ابن المسيّب عندنا حسن» .
[٥] الطبقات ٥/ ١٢٦- ١٢٧.