للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأرض، فو الله لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ [١] يَمِينٍ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّ مِثْلِي لا يَخْفَى، قَالَ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَبَعَثَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطٍ فَقَيِّدُوهُ، ثُمَّ أَدْخِلُوهُ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطَ اسْتَقْبَلَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَرَ إِنِّي أَضِنُّ بِكَ عَلَى الْقَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ، فَقُلْ: كذا وكذا، فلما دخلت قَالَ: لا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، فَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ! وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ. قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ، وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ وَتَحَلَّسْنَا [٢] الْخَوْفَ، وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، وَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِي التَّوْبَةَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ [٣] .

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ: هِيهْ يَا شَعْبِيُّ، فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا الْمَبْرَكَ [٤] وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، قَالَ: للَّه دَرُّكَ [٥] . وَقَالَ جَهْمُ بْنُ وَاقِدٍ:

رَأَيْتُ الشَّعْبيَّ يَقْضِي فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ [٦] . مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ إِلا بَكَيْتُ عَلَيْهِ [٧] . مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلا لَقِيَهُ وَامْرَأَةٌ، فقال: أيكما الشعبي، فقلت: هذه [٨] . وقيل: كان الشعبي ضئيلا نحيفا، فقيل له في ذلك، فقال: زوحمت في الرحم، وكان توأما [٩] .

مجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: فَاخَرْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ فَغَلَبْتُهُمْ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَلَبْتُهُمْ، أَرْسَلَ غُلامًا لَهُ، فجاءه بكتاب فقال


[١] ممكن: غير موجودة في تاريخ دمشق والسير.
[٢] تحلّس، واستحلس الخوف بفلان، إذا لم يفارقه الخوف.
[٣] راجع الخبر في تاريخ دمشق ٢٠٨- ٢١٠، وبعضه في: المعرفة والتاريخ ٢/ ٥٩٨.
[٤] في تاريخ دمشق والسير ٤/ ٣٠٦ «المنزل» .
[٥] انظر حلية الأولياء ٤/ ٣٢٥، تاريخ دمشق ٢١٠ و ٢١١، لسان العرب (مادة: حلس) .
[٦] أخبار القضاة ٢/ ٤١٣، تاريخ دمشق ٢١٨.
[٧] حلية الأولياء ٤/ ٣٢٣، تاريخ دمشق ٢٢٥.
[٨] تاريخ دمشق ٢٣٣ وهي من دعابات الشعبي.
[٩] الطبقات الكبرى ٦/ ٢٤٧، أخبار القضاة ٢/ ٤٢٤.