للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسعين، افتتح خمسة حصون. وفي سنة إحدى عُزِل مُحَمَّد بْن مروان عَنْ أرمينية، وأَذْرَبَيْجان بمَسْلَمةُ، فغزا عامئِذٍ التُّرْكُ حتى بلغ البابَ، مِنْ قِبَل بحر أَذْرَبَيْجان، فافتتح مدائنَ وحصونًا، ودان لَهُ مِنْ وراء الباب، ثم افتتح سندرة، ثمّ حجّ بالنّاس، ثم افتتح بعد ذَلِكَ فتحًا كبيرًا، وشهد غير مَصَافّ.

قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أَنْبَأَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ [١] اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَتُفْتَحَنَّ القُسْطَنْطِينيَّةُ، ولَنِعْم الأميرُ أميرُها» [٢] قَالَ: فَدَعَانِي مُسْلِمَةُ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَغَزَاهُمْ.

رَوَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ زَيْدٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَآخِرُ عَنْ زَيْدٍ فَقَالَ: الْخَثْعَمِيُّ، بَدَلَ الْغَنَوِيِّ.

قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَسَارَ مُسْلِمَةُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِي طَلَبِ التُّرْكِ، وَذَلِكَ فِي شِدَّةِ الثَّلْجِ وَالْمَطَرِ، حَتَّى جَاوَزَ الْبَابَ، وَخَلَّفَ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الطَّائِيَّ فِي بُنْيَانِ الْبَابِ وَتَحْصِينِهِ، فَافْتَتَحَ عِدَّةَ حُصُونٍ، فَحَرَقَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنفُسَهُمْ فِي مَدَائِنِهِمْ عِنْدَ الْغَلَبَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَمِائَةٍ غَزَا مَسْلَمةُ التُّرْكَ وَالسِّنْدَ.

وقَالَ ابن عُيَيْنَة: ثنا أَبِي: سَمِعْتُ مَسْلَمةُ بْن عَبْد الملك يَقُولُ: لو رأيتَني أَنَا وعُمَر بْن عَبْد العزيز ننتهي إلى الزَّرْعَ فيُقْحِمُ عُمَر فَرَسَه، وأكُفُّ فَرَسِي. وسمعت مَسْلَمةُ يَقُولُ: إن أقلّ النَّاسَ همًّا فِي الدنيا، أقلّهم همّا فِي الآخرة.

قَالَ أَبُو الحَسَن المدائني: قَالَ مَسْلَمةُ لنَصِيب: سلْني! قَالَ: لا: فإنّ كفَّكَ بالجزيل أكثر مِنْ مسألتي باللّسان. فأعطاه ألفَ دينار. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: أوصى مَسْلَمةُ بثُلُثِ ماله لطّلاب الأدب، وقَالَ: إنّها صناعة مَجْفُوُّ أهلُها. قَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار للوليد بن يزيد، يرثي عمّه مسلمة:


[١] في طبعة القدسي ٤/ ٣٠٢ «عبيد» ، والتصحيح من مسند أحمد، وتقريب التهذيب ١/ ٤٠٤.
[٢] مسند أحمد ٤/ ٣٣٥ وله بقية: «لنعم الجيش ذلك الجيش» .