للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ: مَا أَرَى يُحْسِنُ مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ. فَأَمَاتَهُ اللَّهُ، فَأَقْبَرُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، قَالُوا: هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [١] .

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [٢] .

قُلْتُ: هَذِهِ هِيَ الْمُعْجِزَةُ الْعُظْمَى، وَهِيَ (الْقُرْآنُ) فَإِنَّ النَّبِيَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، كَانَ يَأْتِي بِالْآيَةِ وَتَنْقَضِي بِمَوْتِهِ، فَقَلَّ لِذَلِكَ مَنْ يَتْبَعُهُ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ مُعْجِزَتِهِ الْكُبْرَى بَاقِيَةً بَعْدَهُ، فَيُؤْمِنُ باللَّه وَرَسُولِهِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ عَلَى مَمَرِّ الْأَزْمَانِ، وَلِهَذَا قَالَ: فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا صُدِّقَ نَبِيُّ مَا صُدِّقْتُ، إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَا يُصَدِّقُهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ [٣] .


[١] في صحيحه ٤/ ١٨١- ١٨٢ في المناقب، باب علامات النبوّة في الإسلام.
[٢] أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ٦/ ٩٧ باب كيف نزول الوحي، ومسلم (١٥٢) في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملّته.
[٣] في صحيحه (١٩٦/ ٣٣٢) في كتاب الإيمان، باب في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنا أول الناس يشفع في الجنّة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا، وأخرجه ابن حبّان. انظر موارد الظمآن للهيثمي ٢٣٠٥، وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ٢/ ٦٨٣ رقم ٣٩٧.