للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ دَعَا أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَجَازَهُ وَجَهَّزَهُ إِلَى دِمَشْقَ فَخَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَلَمَّا أَتَى ذَنْبَةَ أَقَامَ فَوَجَّهَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُصَادٍ فَسَالَمَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَبَايَعَ لِيَزِيدَ فَأَتَى الْوَلِيدُ الْخَبَرَ وَهُوَ بِالأَعْرَفِ فَقَالَ لَهُ بَيْهَسُ الْكِلابِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سِرْ فَانْزِلْ حِمْصَ فَإِنَّهَا حَصِينَةً وَوَجِّهِ الْجُنُودَ إِلَى يَزِيدَ فَيُقْتَلُ أَوْ يُؤْسَرُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ: مَا يَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَدَعَ عَسْكَرَهُ وَنِسَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَ وَيُعْذَرَ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُهُ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ: وَمَاذَا يَخَافُ عَلَى حَرَمِهِ مِنْ بَنِي عَمِّهِمْ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَدْمُرُ حَصِينَةٌ وَبِهَا بَنُو كلب قومي. قاله الأبرش، فقال الوليد: ما أرى أَنْ نَأْتِيَهَا وَأَهْلَهَا بَنُو عَامِرٍ وَهُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَيَّ وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى حِصْنٍ، قَالَ: انْزِلِ الْقَرْيَتَيْنِ قَالَ: أَكْرَهُهَا، قَالَ فَهَذَا الْهَزَمُ، قَالَ: أَكْرَهُ اسْمُهُ، قَالَ: وَأَقْبَلَ فِي طَرِيقِ السَّمَاوَةِ وَتَرَكَ الرِّيفَ وَمَرَّ فِي سِكَّةِ الضَّحَّاكِ وَبِهَا مِنْ آلِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلا، فَسَارُوا مَعَهُ وَقَالُوا: إِنَّا عَوْنٌ فَلَوْ أَمَرْتَ لَنَا بِسِلاحٍ، فَمَا أَعْطَاهُمْ سَيْفًا فَقَالَ لَهُ بَيْهَسُ: هَذَا حِصْنُ الْبَخْرَاءِ وَهُوَ مِنْ بِنَاءِ الْعَجَمِ فَانْزِلْهُ، قَالَ: أَخَافُ الطَّاعُونَ، قَالَ: الَّذِي يُرَادُ بِكَ أَشَدُّ مِنَ الطَّاعُونِ، فَنَزَلَ حِصْنَ الْبَخْرَاءِ.

ثُمَّ سَارَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ بِالْجُنْدِ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الأَمَوالَ فَتَلَقَّاهُمْ ثَقْلُ الْوَلِيدِ فَأَخَذُوهُ وَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنَ الْوَلِيدِ وَأَتَى الْوَلِيدَ رَسُولُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ إِنِّي آتِيكَ فَقَالَ الْوَلِيدُ: أَخْرِجُوا سَرِيرًا، فَفَعَلُوا وَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَعَلَيَّ تَوَثَّبَ الرِّجَالُ وَأَنَا أَثِبُ عَلَى الأَسَدِ وَأَتَخَصَّرُ الأَفَاعِي، وَبَقُوا يَنْتَظِرُونَ قُدُومَ الْعَبَّاسِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ حَوَى بْنُ عَمْرٍو وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ زِيَادُ بْنُ حُصَيْنٍ الْكَلْبِيُّ يَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ فَقَتَلَهُ قَطَرِيٌّ مَوْلَى الْوَلِيدِ فَانْكَشَفَ أَصْحَابُ يَزِيدَ فَكَرَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي أَصْحَابِهِ وَقَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ عِدَّةٌ وَحُمِلَتْ رُءُوسُهُمْ إِلَى الْوَلِيدِ وَقُتِلَ أَيْضًا مِنْ أَصْحَابِ الْوَلِيدِ يَزِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْخَشَنِيُّ.