وَكَذَلِكَ فعَلَ قُحْطُبَةُ فَعَبَرَ الْفُرَاتَ فِي سَبْعِمِائَةِ فَارِسٍ، وَتَتَامَّ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَتَوَاقَعُوا فَجَاءَتْ قُحْطُبَةَ طَعْنَةٌ فَوَقَعَ فِي الْفُرَاتِ فَهَلَكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَوْمُهُ، وَانْهَزَمَ أَيْضًا أَصْحَابُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَغَرِقَ خَلْقٌ مِنْهُمْ فِي المخائض وذَهَبَتْ أَثْقَالَهُمْ، فَقَالَ بَيْهَسُ بْنُ حَبِيبٍ: نَجْمَعُ النَّاسَ بَعْدَ أَنْ جَاوَزْنَا الْفُرَاتَ، فَنَادَى مُنَادٍ: «مَنْ أَرَادَ الشَّامَ فَهَلُمَّ» ، فَذَهَبَ مَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، وَنَادَى آخَرُ:
«مَنْ أَرَادَ الْجَزِيرَةَ» فَتَبِعَهُ خَلْقٌ، وَنَادَى آخَرُ: «مَنْ أَرَادَ الْكُوفَةَ» فَذَهَبَ كُلُّ جُنْدٍ إِلَى نَاحِيَةٍ، فَقُلْتُ: «مَنْ أَرَادَ وَاسِطَ فَهَلُمَّ» فَأَصْبَحْنَا مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ بقناطر المسيب ودخلنا واسطا يَوْمَ عَاشُورَاءِ، وَأَصْبَحَ الْمُسَوِّدَةُ قَدْ فَقَدُوا قَائِدَهُمْ قُحْطُبَةُ ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَاءِ فَدَفَنُوهُ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمُ ابْنُهُ الْحَسَنُ فَقَصَدَ بِهِمُ الْكُوفَةَ فَدَخَلُوهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَيْضًا وَهَرَبَ مُتَوَلِّيهَا زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى وَاسِطَ.
وَقُتِلَ لَيْلَةَ الْفُرَاتِ صَاحِبُ شُرْطَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ زِيَادُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمُرِّيُّ وَكَاتِبُهُ عَاصِمٌ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
وَأَمَّا ابْنُ قُحْطُبَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ أَبَا سَلَمَةَ الْخَلالِ، ثُمَّ قَصَدَ وَاسِطَ فَنَازَلَهَا وَخَنْدَقَ عَلَى جَيْشِهِ فَعَبَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَسَاكِرَهُ فَالْتَقَوْا فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَتَحَصَّنُوا بِوَاسِطَ، وَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ يزيد أخو الحسن بن قحطبة وحكيم ابن الْمُسَيَّبِ الْجَدَلِيُّ.
وَفِي الْمُحَرَّمِ، وَثَبَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ عَلَى ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ فَقَتَلَهُ بِنَيْسَابُورَ وَجَلَسَ فِي دَسْتِ الْمَلِكِ وَبُويِعَ وَصَلَّى وَخَطَبَ لِلسَّفَّاحِ وَصَفَتْ لَهُ خُرَاسَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute