للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنَ خُضَيْرٍ إِلَى الأَمَانِ، وَيَشُحُّ بِهِ عَنِ الْمَوْتِ، وَهُوَ يَشُدُّ عَلَى النَّاسِ بِسَيْفِهِ مُتَرَجِّلا، وَخَالَطَ النَّاسَ، فَجَاءَتْهُ ضَرْبَةٌ عَلَى أَلْيَتِهِ، وَأُخْرَى عَلَى عَيْنِهِ فَخَرَّ، وَقَاتَلَ مُحَمَّدٌ عَلَى جُثَّتِهِ حَتَّى قُتِلَ [١] ، وَعَهِدَ الَّذِينَ دَخَلُوا الْمَدِينَةَ مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي غِفَارٍ فَنَصَبُوا عَلَمًا أَسْوَدَ عَلَى الْمَنَارَةِ، وَدَخَلَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي زُقَاقٍ أَشْجَعَ، فَهَجَمَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ غَافِلٌ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ، وَقَتَلَ مَعَهُ جَمَاعَةً.

وَقِيلَ: جَاءَتْ مُحَمَّدًا ضَرْبَةٌ عَلَى أُذُنِهِ، فَبَرَكَ وَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: وَيْحَكُمْ إِنَّ نَبِيَّكُمْ [٢] مَظْلُومٌ، فَنَزَلَ حُمَيْدٌ فَحَزَّ رَأْسَهُ.

وَقِيلَ: كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُو الْفَقَارِ، فَقَدَّ النَّاسُ بِهِ، وَجَعَلَ لا يُقَارِبُهُ أَحَدٌ إِلا قَتَلَهُ، فَجَاءَهُ سَهْمٌ فَوَجَدَ الْمَوْتَ، فَكُسِرَ السَّيْفُ.

وَرَوَى عَمْرٌو مَوْلَى الْمُتَوَكِّلِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَخْدِمُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، قَالَ:

كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ يَوْمَئِذٍ ذُو الْفَقَارِ، فَلَمَّا أَحَسَّ الْمَوْتَ أَعْطَى السَّيْفَ رَجُلا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ: خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَإِنَّكَ لا تَلْقَى أَحَدًا مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ إِلا أَخَذَهُ مِنْكَ وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ، فَبَقِيَ السَّيْفُ عِنْدَهُ حَتَّى وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدِينَةَ فَأُخْبِرَ عَنْهُ، فَدَعَاهُ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَخَذَ السَّيْفَ، ثُمَّ صَارَ [٣] إِلَى مُوسَى [٤] فَجَرَّبَهُ عَلَى كَلْبٍ، فَانْقَطَعَ السَّيْفُ.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ الرَّشِيدَ بِطُوسَ مُتَّقلِدًا سَيْفًا فَقَالَ: أَلا أُرِيكَ ذَا الْفَقَارِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَسْلُلُ [٥] سَيْفِي هَذَا قَالَ: فَرَأَيْتُ فِيهِ ثَمَانِيَ


[١] الطبري ٧/ ٥٩٤.
[٢] هكذا في الأصل وفي نسخة القدسي ٦/ ١٨ والأصح ما في تاريخ الطبري ٧/ ٥٩٥ «أنا بن نبيّكم» .
[٣] في نسخة القدسي ٦/ ١٨ «سار» والتصحيح من الطبري ٧/ ٥٩٦ وابن الأثير ٥/ ٥٤٩.
[٤] في نسخة القدسي ٦/ ١٨ «ابن موسى» والتصحيح من الطبري. وهو الخليفة الملقب بالهادي.
(انظر: ابن الأثير ٥/ ٥٤٩) .
[٥] في الطبري ٧/ ٥٩٦ «استلّ» .