للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيُّ: لَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ، مَضَى أَخُوهُ مُوسَى وَأَبِي وَأَنَا وَرَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَأَتَيْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ سِرْنَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَدَخَلْنَاهَا لَيْلا، فَمُسِكْنَا وَأُرْسِلْنَا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أَبِي قَالَ: هِيهِ أَخَرَجْتَ مع محمد؟

قال: قد كانت ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَهُوَ عُثْمَانُ بن محمد بن خالد ابن الزُّبَيْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِمُوسَى فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ، ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِي، فَكَلَّمَهُ فِيَّ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ: مَا أَحْسَبُهُ بَلَغَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ غُلامًا تَبَعًا لِأَبِي، فَضُرِبْتُ خَمْسِينَ سَوْطًا، ثُمَّ حُبِسْتُ حَتَّى أَخْرَجَنِي الْمَهْدِيُّ.

وَقِيلَ: بَلْ قَتَلَ عُثْمَانُ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: دَفَعْتُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَسَبَّهُ، فَجَاوَبَهُ عُثْمَانُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ [١] .

وَقِيلَ: قَالَ لَهُ: أَنْتَ الْخَارِجُ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَايَعْتُ أَنَا وَأَنْتَ رَجُلا بِمَكَّةَ، فَوَفَّيْتُ أَنَا، وَغَدَرْتَ أَنْتَ.

وَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ الْحَارِثِيَّ، فَثَارَتْ عَلَيْهِ السُّودَانُ بِالْمَدِينَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ جُنْدِهِ انْتَهَبَ شَيْئًا مِنَ السُّوقِ، فَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ إِلَى ابْنِ الرَّبِيعِ فَكَلَّمُوهُ، فَلَمْ يُنكِرْ وَلا غَيَّرَ، ثُمَّ اشْتَرَى جُنْدِيٌّ مِنْ لَحَّامٍ وَأَبَى أَنْ يُوَفِّيهِ الثَّمَنَ وَشَهَرَ سَيْفَهُ عَلَى اللَّحَّامِ، فَطَعَنَهُ اللَّحَّامُ بِشَفْرَتِهِ فِي خَاصِرَتِهِ فَسَقَطَ، فَتَنَادَى الْجَزَّارُونَ وَالسُّودَانُ عَلَى الْجُنْدِ وَهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى الْجُمْعَةِ، فَقَتَلُوهُمْ بِالْعُمُدِ، فَهَرَبَ ابْنُ الرَّبِيعِ بِاللَّيْلِ [٢] ، وَهَذَا تَمَّ فِي آخِرِ الْعَامِ.

وَكَانَ رُءُوسُ السُّودَانِ ثلاثة: وثيق ويعقل [٣] ورمقة [٤] ، فخرج ابن


[١] الطبري ٧/ ٦٠٧.
[٢] الطبري ٧/ ٦٠٩ و ٦١٠.
[٣] في نسخة القدسي ٦/ ٢٠ «معقل» ، والتصحيح من الطبري ٧/ ٦١٠ و ٦١٤.
[٤] في نسخة القدسي ٦/ ٢٠ «ربيعة» ، والتصحيح من الطبري ٧/ ٦١٠.