للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَاعَتْ خِلافَتُكُمْ يَا قَوْمِ فَاطَّلِبُوا [١] ... خَلِيفَةَ اللَّهِ بين الدّن [٢] وَالْعُودِ [٣]

ثُمَّ إِنَّ مَوَالِيَ الْمَهْدِيِّ حَسَدُوا يَعْقُوبَ وَسَعَوْا بِهِ [٤] .

وَمِمَّا حَظِيَ بِهِ يَعْقُوبُ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ أَحْضَرَ لَهُ الْحَسَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِمَكَّةَ، وَدَخَلَ فِي الطَّاعَةِ، فَاسْتَوْحَشَ أَقَارِبُ حَسَنٍ مِنْ صنيع يعقوب، فعلم أنّه إن كانت لَهُمْ دَوْلَةٌ لَمْ يُبْقُوهُ، وَعَلِمَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ لا يُنظِرُهُ لِكَثْرَةِ السُّعَاةِ فِي شَأْنِهِ، فَمَالَ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، وَأَقْبَلَ يُرَبِّصُ لَهُ الأُمُورَ، وَسَعَوْا إِلَى الْمَهْدِيِّ حَتَّى قَالُوا: الْبِلادُ فِي قَبْضَةِ يَعْقُوبَ وَأَصْحَابِهِ، إِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِمْ فَيَثُورُوا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَلَى مِيعَادٍ، فَيَمْلُكُوا الدُّنْيَا، وَيُسْتَخْلَفُ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ، فَمَلأَ هَذَا الْقَوْلُ مَسَامِعَ الْمَهْدِيِّ [٥] .

قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ: فَذَكَرَ لِي بَعْضُ [٦] خَدَمِ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِ الْمَهْدِيِّ، إِذْ دَخَلَ يَعْقُوبُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَرَفْتَ اضْطِرَابِ مِصْرَ، وَأَمَرْتَنِي أَنْ أَلْتَمِسَ لَهَا رَجُلا، وَقَدْ أَصَبْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟

قَالَ: عَمُّكَ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ، فَتَغَيَّرَ الْمَهْدِيُّ، وَرَأَى يَعْقُوبُ تَغَيُّرَهُ، فَقَامَ وَخَرَجَ، وَأَتْبَعَهُ الْمَهْدِيُّ بَصَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لم أقتلك، ثم رفع رأسه وقال لي: أكتم ويلك هذا [٧] .


[١] في الكامل «فالتمسوا» .
[٢] في الكامل ونهاية الأرب: «الناي» ، وفي الأصل: «الذل» ، وفي البداية والنهاية «الخمر» .
[٣] البيتان في: تاريخ الطبري ٨/ ١٥٦، والكامل في التاريخ ٦/ ٧٠، والبداية والنهاية ١٠/ ١٤٧، وقد ورد البيتان على هذا النحو في: الإنباء في تاريخ الخلفاء ٧١:
يا قوم لا تطلبوا يوما خليفتكم ... إِنَّ الْخَلِيفَةَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ
ضَاعَتْ خِلافَتُكُمْ يا قوم فالتمسوا ... خليفة الله بين الناي والعود
[٤] تاريخ الطبري ٨/ ١٥٥، ١٥٦، الكامل في التاريخ ٦/ ٦٩، ٧٠، البداية والنهاية ١٠/ ١٤٧، ١٤٨، نهاية الأرب ٢٢/ ١١٦، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ١٠.
[٥] تاريخ الطبري ٨/ ١٥٦، الكامل في التاريخ ٦/ ٧٠، وفي الأصل زيادة بعد «المهدي» : وقف شعره.
[٦] في الأصل «فذكر لي أن بعض» .
[٧] تاريخ الطبري ٨/ ١٥٦.