للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ كَانَ شِبْهَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ لَكَانَ فَاضِلا [١] .

قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِمًا إِلا قَدْ أَكَلَ بِدِينِهِ، سِوَى وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَسَلَمٍ الْخَوَّاصِ، وَيُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ [٢] .

أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: نَا عبد الصّمد بن يزيد الصّايغ، سمعت شقيق الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي الشَّامِ، فَقُلْتُ: تَرَكْتَ خُرَاسَانَ قَالَ: مَا تَهَنَّيْتُ بِالْعَيْشِ إِلا هُنَا، أَفِرُّ بِدِينِي مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُولُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُولُ: حَمَّالٌ، يَا شَقِيقُ: لَمْ يَنَبُلْ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالْجِهَادِ وَلا بِالْحَجِّ- بَلْ مَنْ كَانَ يَعْقِلُ مَا يَدْخُلُ بَطْنَهُ، يَا شَقِيقُ: مَاذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ؟ لا يَسْأَلُهُمْ عَنْ زَكَاةٍ، وَلا عَنْ جِهَادٍ، وَلا عَنْ صِلَةٍ، إِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ هَذَا هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينُ [٣] .

قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ عَلَى إِطْلاقِهِ، بَلْ قَدْ نَبُلَ بِالْجِهَادِ وَالْقُرْبِ عَدَدٌ مِنَ الصَّفْوَةِ.

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الزُّهْدُ مِنْهُ فَرْضُهُ، وَهُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ، وَزُهْدٌ بِسَلامٍ وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الْحَلالِ [٤] .

قَالَ بَقِيَّةُ: دَعَانِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامٍ لَهُ وَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ إِلْيَتِهِ، وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ جَلْسَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَجْلِسُ جَلْسَةَ الْعَبِيدِ [٥] .

فَلَمَّا أَكَلْنَا قُلْتُ لِرَفِيقِهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشَدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ منذ صحبته.


[١] تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ١٧٥.
[٢] تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ١٧٥.
[٣] حلية الأولياء ٧/ ٣٦٩، ٣٧٠، تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ١٧٦ و ١٨٢، صفة الصفوة ٤/ ١٥٥، وطبقات الأولياء لابن الملقّن ٨ رقم ٥.
[٤] حلية الأولياء ٨/ ٢٦، تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ١٧٧، التذكرة الحمدونية ١/ ١٧٥ رقم ٤٠٢ بتقديم ألفاظ وتأخيرها.
[٥] تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ١٧٧ هي ليست في الحلية.