للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى كُتُبِهِ فَغَرَّقَهَا فِي الْفُرَاتِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَتَخَلَّى [١] .

وَكَانَ زَائِدَةُ صَدِيقًا لَهُ، فَأَتَاهُ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ: الم، غُلِبَتِ الرُّومُ ٣٠: ١- ٢ [٢] ، قَالَ: وَكَانَ يُجِيبُ فِي هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الصَّلْتِ، انْقَطَعَ الْجَوَابُ، وَقَامَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ [٣] .

رَوَاهَا ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهَا: كَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ عَلِمَ وَفَقِهَ وَنَفَذَ فِي الْكَلامِ قَالَ: وَأَخَذَ حَصَاةً فَحَذَفَ بِهَا إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، طَالَ لِسَانُكَ، وَطَالَتْ يَدُكَ، فَاخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لا يُسْأَلُ وَلا يُجِيبُ [٤] .

وَقِيلَ: كَانَ دَاوُدُ يُعَالِجُ نَفْسَهُ بِالصَّمْتِ، فأراد أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ هَلْ يَقْوَى عَلَى الْعُزْلَةِ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِ أَبِي حَنِيفَةَ سَنَةً لَمْ يَنْطِقْ، ثُمَّ اعْتَزَلَ النَّاسَ [٥] .

قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا وَابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ، فَقَالَ: جِئْتُمَانِي مَرَّةً فَلا تَعُودَا إِلَيَّ [٦] .

وَعَنِ أبي الرَّبِيعِ الأَعْرَجِ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لا يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَخَذَ نَعْلَهُ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَوْصِنِي، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَبِرَّ وَالِدَيْكَ، ثُمّ قَالَ: وَيْحَكَ، صُمِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلِ الْفِطْرَ الْمَوْتَ، وَاجْتَنِبِ النَّاسَ غَيْرَ تَارِكٍ لِجَمَاعَتِهِمْ [٧] .

وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقْلِلْ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: ارْضَ بِالْيَسِيرِ مَعَ سَلامَةِ الدِّينِ، كما رضي


[١] حلية الأولياء ٧/ ٣٣٦، تاريخ بغداد ٨/ ٣٤٨، وفيات الأعيان ٢/ ٢٥٩.
[٢] أول سورة الروم.
[٣] حلية الأولياء ٧/ ٣٣٦، تاريخ بغداد ٨/ ٣٤٨، تهذيب الكمال ٨/ ٤٥٦.
[٤] حلية الأولياء ٧/ ٣٣٦، تاريخ بغداد ٨/ ٣٤٧، ٣٤٨.
[٥] حلية الأولياء ٧/ ٣٤٢، صفة الصفوة ٣/ ١٣١.
[٦] حلية الأولياء ٧/ ٣٤٢، صفة الصفوة ٣/ ١٣١.
[٧] حلية الأولياء ٧/ ٣٤٢، ٣٤٣، وانظر: الزهد الكبير للبيهقي ١٤٢ رقم ٢٨٢، وتاريخ بغداد ٨/ ٣٥١، وصفة الصفوة ٣/ ١٣٣ و ١٣٤، وفيات الأعيان ٢/ ٢٦١.