للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَعَانِي يَوْمًا فَذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدًا أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ يَدْخُلُهُ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، وَأَمَرَهُ إِذَا دَخَلَ دِمَشْقَ أَنْ يَأْتِيَ إلى حانوت عطّار أو حانوت قَطَّانٍ، فَيَلْقَى رَجُلا يُكْثِرُ الْجُلُوسَ هُنَاكَ، وَهُوَ شَيْخٌ فَاضِلٌ نَاصِلُ الْخِضَابِ. يُقَالُ لَهُ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، فَسَارَ وَفَعَلَ وَدَخَلَ الْحَانُوتَ، فَإِذَا بِصَالِحٍ فِيهِ، فَأَخَذَهُ وَقَيَّدَهُ، فَحَمَلَهُ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: أَنْتَ فُلانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا صَالِحٌ. قَالَ: فَزِنْدِيقٌ؟

قَالَ: لا، وَلَكِنْ شَاعِرٌ أَفْسُقُ فِي شِعْرِي، قَالَ: اقْرَأْهُ، فَالتَّقْوَى سَكِينَةٌ، قَالَ:

ثُمَّ قَرَأَ كِتَابَ الزَّنْدَقَةِ فَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَاسْتَبْقِنِي، وَأَنْشَدَهُ لِنَفْسِهِ:

مَا يَبْلُغُ الأَعْدَاءُ مِنْ جَاهِلٍ ... مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسِهِ

وَالشَّيْخُ لا يَتْرُكُ أَخْلاقَهُ ... حَتَّى يُوَارَى فِي ثَرَى رَمْسِهِ [١]

فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: يَا قُرَيْشُ، امْضِ بِهِ إِلَى الْمُطْبَقِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنَ الْخُرُوجِ أَمَرَنِي فَرَدَدْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ:

وَالشَّيْخُ لا يَتْرُكُ أَخْلاقَهُ؟

قَالَ: بَلَى، قَالَ: لا تَدَعُ أَخَلاقَكَ حَتَّى تَمُوتَ، خُذُوهُ. فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ، ثُمَّ وَثَبَ الْمَهْدِيُّ فَضَرَبَهُ نِصْفَيْنِ [٢] .

قَالَ النَّسَائِيُّ [٣] : لَيْسَ بثقة.

لو قال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ [٤] . بَصْرِيُّ.

وَمِنْ شِعْرِهِ:


[١] البيتان في تهذيب تاريخ دمشق ٦/ ٣٧٣، والبيت الثاني فقط في: طبقات الشعراء لابن المعتز ٨٩ و ٩٠، وأمالي المرتضى ١/ ١٤٥، ووفيات الأعيان ٢/ ٤٩٢، والأول فقط في فوات الوفيات ٢/ ١١٦.
[٢] الخبر في تهذيب تاريخ دمشق ٦/ ٣٧٤، ٣٧٥، وهو باختصار في طبقات ابن المعتز ٨٩، ٩٠، وتاريخ بغداد ٩/ ٣٠١.
[٣] في الضعفاء والمتروكين ٢٩٤ رقم ٢٩٩.
[٤] الجرح والتعديل ٤/ ٤٠٨، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٢/ ٢٠٣، الكامل في الضعفاء ٤/ ١٣٨٩.