للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ شَرِيكٌ: عَلَيَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُهُ.

فَكَأَنَّ الْمَهْدِيَّ رَضِيَ، فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ أَدْهَى الْعَرَبِ، إنّما يعني مثل الّذي عليّ بن الثِّيَابِ. قُلْ لَهُ يَحْلِفُ كَمَا حَلَفْتُ.

فَقَالَ: احْلِفْ.

قَالَ شَرِيكٌ: قَدْ حَدَّثْتُهُ.

فَقَالَ: وَيْلِي عَلَيَّ شَارِبَ الْخَمْرِ، يَعْنِي الأَعْمَشَ، وَذَاكَ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْمُنَصَّفَ، وَلَوْ عَلِمْتُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ أَحْرَقْتُهُ.

قَالَ شَرِيكٌ: لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا، كَانَ رَجُلا صَالِحًا.

قَالَ: بَلْ زِنْدِيقٌ.

قَالَ: لِلزِّنْدِيقِ عَلامَاتٌ بِتَرْكِهِ الْجَمَاعَاتِ، وَجُلُوسِهِ مَعَ الْقِيَانِ، وَشُرْبِهِ الْخَمْرِ.

فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ.

قَالَ: ابْتَلاكَ اللَّهُ بمهجتي [١] .

قال: أخرجوه.

فأخرج، فجعل الجرس يُشَقِّقُونَ ثِيَابَهُ وَخَرَّقُوا قَلَنْسُوَتَهُ.

قَالَ نَصْرٌ: فَقُلْتُ لَهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ الْمَهْدِيُّ: دَعْهُمْ [٢] .

أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَلِيمٍ الأَوْدِيُّ: أَنَا أَبِي قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ الْقَاضِي لا يَجْلِسُ لِلْحُكْمِ حَتَّى يَتَغَدَّى وَيَشْرَبَ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ نَبِيذًا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُخْرِجُ رُقْعَةً، فَيَنْظُرَ فِيهَا ثُمَّ يَدْعُو بِالْخُصُومِ. وَقِيلَ لابْنِهِ عَنِ الرُّقْعَةِ، فَأَخْرَجَهَا إِلَيْنَا فَإِذَا فِيهَا: يَا شَرِيكٌ، اذْكُرِ الصِّرَاطَ وَحِدَّتَهُ، يَا شَرِيكٌ، اذْكُرِ الْمَوْقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى [٣] .

قِيلَ إِنَّ شَرِيكًا دخل على المهديّ فقال: لا بدّ من ثلاث: إمّا أن تلي


[١] في الكامل ٤/ ١٣٣٨ (بمهجتها) .
[٢] وفي الكامل زيادة: «أردت أن تقرب مني ما ازددت منّي إلّا بعدا» .
[٣] تاريخ بغداد ٩/ ٢٩٣، ٢٩٤.