للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيلَ إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ الرَّافِضِيَّ الْمُجَسِّمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُؤْمِنِ الطَّاقِ وَقَدْ دَخَلَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، وَقَعَدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَمَعَهُمْ سُفْيَانُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَقَدْ أَسْعَرَ النَّاسُ رَجُلٌ حَرُورِيٌّ بِحِجَاجِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو حَنِيفَةَ مُؤْمِنَ الطَّاقَ ضَحِكَ وَقَالَ: هَذَا رَأْسُ الشِّيعَةِ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَقُومَ إِلَيْهِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

فَقَامَا، وَقَامَ مَعَهُمَا سُفْيَانُ، فَنَاظَرَهُمْ مُؤْمِنُ الطَّاقِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَنْتَ لا يَقُومُ لَكَ مُنَاظِرٌ. وَقَالا: هَذَا شَيْطَانُ الطَّاقِ.

وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ شِعْرًا كَثِيرًا وَتَصَانِيفَ.

قِيلَ لِبَشَّارٍ: مَا أَشْعَرَكَ! قَالَ: أَشْعَرَ مِنِّي مُؤْمِنُ الطَّاقِ فِي قَوْلِهِ، وَذَكَرَ لَهْ أَبْيَاتًا حَسَنَةً. فَقُلْتُ هَذَا مِنْ «تَارِيخِ ابْنِ [أَبِي] طَيٍّ الرَّافِضِيِّ» [١] .

وَقَالَ الْجَاحِظُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ النَّظَّامِ وَبِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أنهما قَالا لِشَيْطَانِ الطَّاقِ: وَيْحَكَ، اتَّقَيْتَ اللَّهَ أَنْ تَقُولَ فِي كِتَابِ الإِمَامَةِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ قَطُّ فِي الْقُرْآنِ: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ ٩: ٤٠ [٢] . فَضَحِكَ طَوِيلا حَتَّى كَأَنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَذْنَبْنَا.

قُلْتُ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْهُ دَلَّتْ على زندقته، قاتله الله.


[١] ابن أبي طي الرافضيّ هو: «يحيى بن حامد الحلبي» المعروف بابن أبي طيّ، وكان مؤرّخا من غلاة الشيعة، ولد سنة ٥٧٥ وتوفي سنة ٦٣٠ هـ. له عدّة مصنّفات في التاريخ والتراجم وغيره، ولكنّ جميع مؤلّفاته تعتبر مفقودة حتى الآن، وكنت قد نقلت عن بطاقة في فهارس دار الكتب المصرية أثناء دراستي في القاهرة في الستينات أسماء هذه الكتب المنسوبة له، وهي غير موجودة في الدار: «معادن الذهب في تاريخ الملوك والخلفاء وذوي الرتب» ، وهو في عدّة مجلّدات، و «ذيل معادن الذهب» وهو تتمّة للذي قبله، و «حوادث الزمان على حروف المعجم» ، في خمس مجلّدات، و «سلك النظام في تاريخ الشام» ، و «تراجم رجال الأدب والشعراء» ، و «أسماء رواة الشيعة ومصنّفيها» ، و «اشتقاق أسماء البلدان» ، (انظر كتابنا:
«دراسات في تاريخ الساحل الشامي، لبنان من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية) - ص ١٨.
[٢] سورة التوبة، الآية ٤٠.