للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ: فَطَفِقَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَنْقِلُونَ اللَّبِنَ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ مَعَهُمْ:

هَذَا الْحِمَالُ، لَا حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ- ربّنا- وأطهر

ويقول:

اللَّهمّ لا خَيْرُ الْآخِرَه [١] ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتَمَثَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعَشْر رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْحَدِيثِ. وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِي الْحَدِيثِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ غير هذه الأبيات.

ذكره الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [٢] .

وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ: ثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ. فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا. وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ، وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا. وَغَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَبِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ [٣] ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقْفَهُ بِالسَّاجِ [٤] . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [٥] .

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ يعلى بن شدّاد، عن عبادة


[١] في السيرة لابن كثير ٢/ ٣٠٤
«لا همّ إنّ الأجر أجر الآخرة» .
[٢] صحيح البخاري ٤/ ٢٦٦: كتاب الفضائل: باب هجرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة.
[٣] القصّة: الجصّة، وقيل: الحجارة من الجصّ. كما في النهاية لابن الأثير.
[٤] السّاج: ضرب عظيم من الشجر، وخشب أسود يشبه الأبنوس، لا ينبت إلّا بالهند (تاج العروس ٦/ ٤٩، ٥٠) .
[٥] صحيح البخاري: كتاب الصلاة، باب بنيان المسجد.