للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انْتَشَرَ الْإِسْلَامُ فِي الْأَقَالِيمِ. فَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ سَبَبُ قِلَّةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَسَبَبُ كَثْرَةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ.

وَكَانَ فِي هَذَا الْقُرْبِ [١] أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ [٢] بْنُ جُشَمِ بْنُ وَائِلٍ الْأَوْسِيُّ الشَّاعِرُ. وَكَانَ يُعْدَلُ بِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ [٣] فِي الشَّجَاعَةِ وَالشِّعْرِ.

وَكَانَ يَحُضُّ الْأَوْسَ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَكَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ يَتَأَلَّهُ [٤] وَيَدَّعِي الْحَنِيفِيَّةَ، وَيَحُضُّ قُرَيْشًا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ قَصِيدَتَهُ الْمَشْهُورَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا [٥] :

أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... مُغَلْغَلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبِ

أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا، فَأَنْتُمُو ... لَنَا قَادَةٌ، قَدْ يُقْتَدَى بالذّوائب

(٦ ب) رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ رِجَالِهِ قَالُوا: خَرَجَ ابْنُ الْأَسْلَتِ إِلَى الشَّامِ، فَتَعَرَّضَ آلَ جَفْنَةَ [٦] فَوَصَلُوهُ. وسأل الرّهبان فدعوه إلى دينهم فلم


[١] هكذا في جميع النّسخ، ولعلّها بمعنى كان قريبا من ذلك الوقت. وجعلها ابن الملّا «وكان شاهد العرب» وهو قول لا معنى له.
[٢] في الأصل (الأسلم) تصحيف. وهو أبو قيس صيفي بن الأسلت الشاعر. ترجمته في الأغاني (١٧/ ١١٧) وطبقات فحول الشعراء (١٨٩) والإصابة (٣/ ٢٥١ و ٤/ ١٦١) والاستيعاب على هامش الإصابة (٢/ ١٩٣ و ٤/ ١٦٠) ، والمحبّر ٤٢٠، وشرح المفضّليات ٧٥، وخزانة الأدب ٣/ ٤٠٩- ٤١٣ ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٣٥ رقم ٨٦٤. للدكتور ياسين الأيوبي.
[٣] قيس بن الخطيم: شاعر مشهور من بني ظفر من الأوس، أدرك الإسلام، ولقي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهجرة، فدعاه إلى الإسلام وحرص عليه، ولكنّه قتل قبل أن يسلم. ترجمته في الأغاني (٣/ ١) وطبقات فحول الشعراء (١٩٠) ومعجم الشعراء للمرزباني (١٩٦) ، وطبقات الشعراء لابن سلام ٥٢ و ٦٥، ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٣٦، ٣٣٧ رقم ٨٦٧ وقد طبع ديوانه في ليبزغ سنة ١٩١٤
[٤] يتألّه: يتنسّك.
[٥] انظر القصيدة بتمامها في ديوانه (٦٤- ٧٠) وابن هشام (١/ ٢٨٣- ٢٨٦) والبداية والنهاية (٣/ ١٥٤- ١٥٥) والروض الأنف (٣/ ٧٢- ٧٤) .
[٦] آل جفنة: ملوك غسّان بالشّام، ترجع نسبتهم إلى جفنة بن عمرو مزيقياء بن عامر، وغسّان اسم ماء نزلوه فسمّوا به، ليس بأب ولا أمّ. (الاشتقاق لابن دريد ١/ ٤٣٥) .